للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَخْضَرُ؛ فَقَضَى بِالْحَمْرَاءِ لِلَّذِي خَرَجَ مِنْ رَأْسِهِ الصُّوفُ الْأَحْمَرُ، وَبِالْخَضْرَاءِ لِلَّذِي خَرَجَ مِنْ رَأْسِهِ الصُّوفُ الْأَخْضَرُ.

وَقَالَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَيْدٍ أَبِي عَلَاءٍ: شَهِدْت إيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ اخْتَصَمَ إلَيْهِ رَجُلَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّهُ بَاعَنِي جَارِيَةً رَعْنَاءَ؛ فَقَالَ إيَاسٌ: وَمَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرُّعُونَةُ؟ قَالَ: شِبْهُ الْجُنُونِ. فَقَالَ إيَاسٌ: يَا جَارِيَةُ، أَتَذْكُرِينَ مَتَى وُلِدْت؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَيُّ رِجْلَيْك أَطْوَلُ؟ قَالَتْ: هَذِهِ؛ فَقَالَ إيَاسٌ: رُدَّهَا؛ فَإِنَّهَا مَجْنُونَةٌ.

وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ شَهِدَ عِنْدَ ابْنِهِ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ - مَعَ رِجَالٍ عَدَّلَهُمْ - عَلَى رَجُلٍ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: يَا أَبَا وَائِلَةَ، تَثَبَّتْ فِي أَمْرِي، فَوَاَللَّهِ مَا أَشْهَدْتُهُمْ إلَّا عَلَى أَلْفَيْنِ. فَسَأَلَ إيَاسٌ أَبَاهُ وَالشُّهُودَ: أَكَانَ فِي الصَّحِيفَةِ الَّتِي شَهِدُوا عَلَيْهَا فَضْلٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، كَانَ الْكِتَابُ فِي أَوَّلِهَا وَالطَّيَّةُ فِي وَسْطِهَا، وَبَاقِي الصَّحِيفَةِ أَبْيَضُ. قَالَ: أَفَكَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ يَلْقَاكُمْ أَحْيَانَا، فَيُذَكِّرُكُمْ شَهَادَتَكُمْ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ، كَانَ لَا يَزَالُ يَلْقَانَا، فَيَقُولُ: اُذْكُرُوا شَهَادَتَكُمْ عَلَى فُلَانٍ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَصَرَفَهُمْ، وَدَعَا الْمَشْهُودَ لَهُ. فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، تَغَفَّلْت قَوْمًا صَالِحِينَ مُغَفَّلِينَ، فَأَشْهَدْتهمْ عَلَى صَحِيفَةٍ جَعَلْت طَيَّتَهَا فِي وَسَطِهَا، وَتَرَكْت فِيهَا بَيَاضًا فِي أَسْفَلِهَا، فَلَمَّا خَتَمُوا الطَّيَّةَ قَطَعْت الْكِتَابَ الَّذِي فِيهِ حَقُّك أَلْفَا دِرْهَمٍ، وَكَتَبْت فِي الْبَيَاضِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ فَصَارَتْ الطَّيَّةُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ، ثُمَّ كُنْت تَلْقَاهُمْ فَتُلَقِّنُهُمْ، وَتُذَكِّرُهُمْ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ آلَافٍ، فَأَقَرَّ بِذَلِكَ، وَسَأَلَهُ السَّتْرَ عَلَيْهِ، فَحَكَمَ لَهُ بِأَلْفَيْنِ وَسَتَرَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْزُوقٍ الْبَصْرِيِّ: كُنَّا عِنْدَ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَبْلَ أَنْ يُسْتَقْضَى، وَكُنَّا نَكْتُبُ عَنْهُ الْفِرَاسَةَ، كَمَا نَكْتُبُ عَنْ الْمُحَدِّثِ الْحَدِيثَ، إذْ جَاءَ رَجُلٌ، فَجَلَسَ عَلَى دُكَّانٍ مُرْتَفِعٍ بِالْمِرْبَدِ. فَجَعَلَ يَتَرَصَّدُ الطَّرِيقَ. فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إذْ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ رَجُلًا، فَنَظَرَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَوْضِعِهِ، فَقَالَ إيَاسٌ: قُولُوا فِي هَذَا الرَّجُلِ، قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ رَجُلٌ طَالِبُ حَاجَةٍ. فَقَالَ: هُوَ مُعَلِّمُ صِبْيَانٍ، قَدْ أَبَقَ لَهُ غُلَامٌ أَعْوَرُ، فَقَامَ إلَيْهِ بَعْضُنَا فَسَأَلَهُ عَنْ حَاجَتِهِ؟ فَقَالَ: هُوَ غُلَامٌ لِي آبِقٌ. قَالُوا: وَمَا صِفَتُهُ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، وَإِحْدَى عَيْنَيْهِ ذَاهِبَةٌ، قُلْنَا: وَمَا صَنْعَتُك؟ قَالَ: أُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ. قُلْنَا لِإِيَاسٍ: كَيْفَ عَلِمْت ذَلِكَ؟ قَالَ: رَأَيْته جَاءَ، فَجَعَلَ يَطْلُبُ مَوْضِعًا يَجْلِسُ فِيهِ، فَنَظَرَ إلَى، أَرْفَعِ شَيْءٍ يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَجَلَسَ عَلَيْهِ، فَنَظَرْت فِي قَدْرِهِ فَإِذَا لَيْسَ قَدْرُهُ قَدْرَ الْمُلُوكِ، فَنَظَرْت فِيمَنْ اعْتَادَ فِي جُلُوسِهِ جُلُوسَ الْمُلُوكِ، فَلَمْ أَجِدْهُمْ إلَّا الْمُعَلِّمِينَ، فَعَلِمْت أَنَّهُ مُعَلِّمُ صِبْيَانٍ، فَقُلْنَا: كَيْفَ عَلِمْت أَنَّهُ أَبَقَ لَهُ غُلَامٌ؟ قَالَ: إنِّي رَأَيْته يَتَرَصَّدُ الطَّرِيقَ، يَنْظُرُ فِي وُجُوهِ النَّاسِ. قُلْنَا: كَيْفَ عَلِمْت أَنَّهُ أَعْوَرُ؟

<<  <   >  >>