للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجود من أوله إلى آخره، وهو واحد منذ كان الوجود إلى أبد الآبدين، ثم له تنوع في ملابس ويظهر في كنائس (الإنسان الكامل للجيلي) ، فيسمى به باعتبار لباس، ولا يسمى به باعتبار لباس آخر، فاسمه الأصلي الذي هو له محمد، وكنيته أبو القاسم، ووصفه عبد الله، ولقبه شمس الدين، ثم له باعتبار ملابس أخر أسام، وله في كل زمان اسم ما يليق بلباسه في ذلك الزمان، فقد اجتمعت به ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو في صورة شيخي الشيخ شرف الدين اسماعيل الجبرتي، ولست أعلم أنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكنت أعلم أنه الشيخ، وهذا من جملة مشاهد شاهدته فيها بزبيد سنة ست وتسعين وسبعمائة، وسر هذا الأمر تمكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من التصور بكل صورة، فالأديب إذا رآه في الصورة المحمدية التي كان عليها في حياته فإنه يسميه باسمه، وإذا رآه في صورة ما من الصور وعلم أنه محمد، فلا يسميه تلك الصورة، ثم لا يوقع ذلك الاسم إلا على الحقيقة المحمدية. ألا تراه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما ظهر في صورة الشبلي رضي الله عنه قال الشبلي لتلميذه أشهد أني رسول الله وكان التلميذ صاحب كشف فعرفه، فقال: أشهد أنك رسول الله، وهذا أمر منكور، وهو كما يرى النائم فلانًا في صورة فلان وأقل مراتب الكشف أن يسوغ به في اليقظة ما يسوغ به في النوم ولكن بين الكشف والنوم فرقًا، وهو أن الصورة التي يرى فيها محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في النوم لا يوقع اسمها في اليقظة على الحقيقة المحمدية، لأن عالم المثال يقع في التعبير فيه فيعبر عن الحقيقة المحمدية إلى حقيقة تلك الصورة في اليقظة، بخلاف الكشف فإنه إذا كشف لك عن الحقيقة المحمدية أنها متجلية في صورة من صور الآدميين، فيلزمك إيقاع اسم تلك الصورة على الحقيقة المحمدية، ويجب عليك أن تتأدب مع صاحب تلك الصورة تأدبك مع محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما أعطاك الكشف أن محمدًا متصور بتلك الصورة، فلا يجوز لك بعد شهود محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها أن تعاملها بما كنت تعاملها به من قبل، ثم إياك أن تتوهم شيئًا في قولي من مذهب التناسخ، حاشا الله وحاشا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يكون ذلك مرادي، بل إن

<<  <   >  >>