للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ له من التمكين في التصور بكل صورة حتى يتجلى في هذه الصورة، وقد جرت سنته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه لا يزال يتصور في كل زمان بصورة أكملهم ليعلي شأنهم ويقيم مَيَلانَهُم فهم خلفاؤه في الظاهر وهو في الباطن حقيقتهم ". ا. هـ

وأظن أنه قد وضح الآن حقيقة المعتقد الصوفي الفلسفي في النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحتى تتضح الصورة أمامنا أكثر من ذلك نجمل ما قدمناه فيما يلي، فنقول. . معتقد المتصوفة في النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ثلاث درجات:

١ ـ من يقولون بوحدة الوجود، وأن الله هو ذات الموجودات فيجعلون الرسول هو المخلوق الأول ومنه وعنه صدرت الموجودات جميعًا وهو الإله المستوي على العرش وهذا هو معتقد ابن عربي ومن على شاكلته.

٢ ـ من يقولون إن نور الرسول هو أول موجود فعلًا ومنه انشقت الأنوار وخلق الخلق جميعًا لكن لا يقولون بأن ذات الرسول مستوية على العرش.

٣ ـ من يقولون بأن نور الرسول أول موجود وهو أكرم الخلق ومن أجله خلق الله الكون جميعًا دون أن يصرحوا بأن العوالم قد خلقت من نوره، وإنما يقولون خلقت لأجله.

هذا وبالرغم من أن الصوفية على هذه الدرجات الثلاث في الاعتقاد في النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنهم متفقون ومجمعون تقريبًا إلا ما شذ منهم أن ذات الرسول الذات التي منها تفيض كل العلوم وتنزل كل الرسالات، فالرسل لا ينزل عليهم الوحي إلا من الرسول ويعبرون عن ذلك بقولهم إن الرسل جميعًا والأولياء أيضًا لا تفيض ولا تنزل عليهم العلوم الإلهية إلا من ذات الرسول في الأزل والأبد أي قبل أن يوجد الرسول بذاته الترابية في الأرض، وبعد أن وجد ثم بعد أن خرجت ما يسمونه بذاته الترابية من هذه الأرض. . وهذا بالطبع هو حاصل اعتقادهم في أن الرسول أول موجود وأن العوالم من نوره، أو أن الكون خلق لأجله.

وكذلك مفهوم المتصوفة ـ المعتدلين ـ منهم يعتقدون أن الرسول يعلم الغيب كله، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماوات.

ولا شك أن المتصوفة الذين يعتقدون في مثل هذه العقائد في الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم

<<  <   >  >>