من موسى نسيانًا، فلما خرجا من البحر مروا بغلام يلعب مع الصبيان، فأخذ الخضر برأسه فقلعه بيده هكذا ـ وأومأ سفيان بأطراف أصابعه كأنه يقطف شيئًا ـ فقال له موسى: أقتلت نفسًا زكية بغير نفس لقد جئت شيئًا نكرًا. قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا؟ قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرًا. فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما، فوجدا فيها جدارًا يريد أن ينقض مائلًا ـ أومأ بيده هكذا، وأشار سفيان كأنه يمسح شيئًا إلى فوق، فلم أسمع سفيان يذكر (مائلًا) إلا مرة ـ قال: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا، عمدت إلى حائطهم، لو شئت لاتخذت عليه أجرًا. قال هذا فراق بيني وبينك، سأنبئك بتأويل ما تستطع عليه صبرًا، قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(وددنا لو أن موسى كان صبر فقص الله علينا من خبرهما) . قال سفيان: قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (يرحم الله موسى لو كان صبر يقص علينا من أمرهما) . وقرأ ابن عباس: أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبًا. وأما الغلام فكان كافرًا وكان أبواه مؤمنين. ثم قال لي سفيان: سمعته منه مرتين وحفظته منه. قيل لسفيان قبل أن تسمعه عن عمرو أو تحفظه من إنسان؟ فقال ممن أتحفظه؟ ورواه أحد عن عمرو غيري؟ سمعته منه مرتين أو ثلاثًا وحفظته منه.
٣ ـ حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني أخبرنا ابن المبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:[إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء] قال الحموي قال محمد بن يوسف بن مطر الفربري حدثنا علي بن خشرم عن سفيان بطوله. .
فقه القصة كما وردت في الكتاب والسنة:
ومن هذا العرض الكامل لنصوص القصة في القرآن وفي صحيح البخاري نستخلص الفوائد التالية:
١ ـ أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يؤدب نبيه موسى ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي قال جوابًا عن سؤال (لا أعلم على الأرض أعلم مني) ! ! إن كان يجب أن يرد علم ذلك إلى الله