سبحانه وتعالى، فأراه الله جل وعلا أن هناك عبدًا لا يعلمه موسى هو على علم من علم الله لا يعلمه موسى وكان من أجل ذلك هذا اللقاء بين موسى والخضر.
٢ ـ أن الخضر بعد أن تم لقاؤه بموسى أخبره أن علم الخضر وعلم موسى بجوار علم الله سبحانه لا شيء وأنهما لم ينقصا من علم الله إلا كما شرب العصفور من ماء النهر.
٣ ـ أن الشريعة التي كان عليها الخضر لم تكن في حقيقتها مخالفة للشريعة التي عليها موسى، وإنما كان يخفى على موسى فقط الخلفية التي من أجلها فعل الخضر ما فعله، ولذلك فإن الخضر عندما بين لموسى الأسباب التي دفعته إلى خرق السفينة، وقتل الغلام، وبناء الجدار لم يستنكر موسى شيئًا من ذلك لأن هذا كله سائغ في الشريعة، فإتلاف بعض المال لاستنقاذ بعضه جائز فلو وكلت مثلًا رجلًا على عمل لك ثم جاء لصوص أو ظلمه قطاع طريق ليستولوا على المال كله ولم يجد هذا الوكيل وسيلة لدفعهم إلا بأن يدفع لهم بعض المال ويتركوا بعضه لما كان ملومًا شرعًا، ولا يلام ممن وكله بل يستحسن فعله، وما فعله الخضر بالنسبة إلى السفينة لا يعدو ذلك فهو إنما أفسد السفينة فسادًا جزئيًا لتظهر لأعوان ذلك الملك الظالم أنها غير صالحة فيتركوها وبذلك تسلم من الغصب، ولا شك أن ما فعله الخضر في حقيقته إحسان لأصحاب السفينة لأن الله أطلعه على شيء من المستقبل في أن ذلك الملك الظالم سيصادر السفن لأمر ما كما هو حال كثير من الرؤساء والملوك الظلمة يصادرون وسائل النقل أحيانًا إما لمصالحهم أو لمصلحة عامة. .
فما فعله الخضر بالنسبة إلى السفينة موافق للشرع الإلهي تمامًا في كل دين وملة وليس مخالفًا للتشريع، وإنكار موسى في أول الأمر ناشئ من أنه لم يعرف الخلفية الغيبية التي كان الله قد أطلع عليها الخضر بوحي من عنده.
وأما قتل الغلام فهو كذلك سائغ في الشريعة إذا كان هذا الغلام سيكون ظالمًا لوالديه، مجبرًا لهما على الكفر وكان هذا مما علمه الله مستقبلًا، وأطلع عليه الخضر، فكان قتله أيضًا سائغًا، وقد جاءت الشريعة بقتل الصائل المعتدي. حقًا إن الشريعة لا تأمر بقتل الصائل إلا إذا باشر العدوان،