كيف شئت من أي حكم شئت، فإنه سبحانه يجمعه وضده بنفسه.
فالثنوية عبدوه من حيث هذه اللطيفة الإلهية مما يقتضيه في نفسه سبحانه وتعالى، فهو المسمى بالحق، وهو المسمى بالخلق، فهو النور والظلمة " (ص١٢٥) ا. هـ.
بهذا الوضوح شرح الجيلي مذهب الفلاسفة الصوفية الزنادقة الملاحدة، وبهذا التفصيل والبيان يستطرد أيضًا قائلًا:
" وأما المجوس فإنهم عبدوه من حيث الأحدية، فكما أن الأحدية مفنية لجميع المراتب والأسماء والأوصاف، كذلك النار فإنها أقوى الاستقصاءات وأرفعها، فإنها مفنية لجميع الطبائع بمحاذاتها، لا تقاربها طبيعة إلا تستحيل إلى النارية لغلبة قوتها، فكذلك الأحدية لا يقابلها اسم ولا وصف إلا يندرج فيها ويضمحل، فلهذه اللطيفة عبدوا النار وحقيقتها ذاتها وتعالى ".
فيجعل المجوس قسمًا غير الثنوية والمعلوم أنهم قسم واحد فالثنوية القائلون بالنور والظلمة وإله للخير وإله للشر هم أيضًا المجوس عبدة النار التي يجعلونها ستارًا وعلامة لإلهم إله الخير في زعمهم ولكن الجيلي الملحد يجعل هؤلاء أيضًا عبدة النيران من أهل الحق والتوحيد وأن عبادتهم للنار حق أقوى العناصر وأرفعها ويقول والنار حقيقتها ذات الله تعالى. فأي كفر يا قوم في الأرض أعظم من هذا وأكبر. . ويمدح الجيلي المجوس فيقول:
" فلما انتشقت مشام أرواح المجوس لعطر هذا المسك زكمت عن شمه سواه فعبدوا النار وما عبدوا إلا الواحد القهار " ا. هـ (ص١٢٦) .
فأي تصريح عن عقائد القوم أبلغ من هذا. .
ثم يقول: " وأما الدهرية (أي الاسم) فإنهم عبدوه من حيث الهوية (الدهرية: هم القائلون بأنه لا إله والحياة مادة فما هي أرحام تدفع وأرض يبلع واسمهم هذا مأخوذ من قوله تعالى {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون}[الجاثية: ٢٤] فقال عليه السلام: