الله وملائكته. . لقد كان مسيلمة أقوى حجة وأكثر تابعًا، وأعز جيشًا من كل مشايخ التصوف الكاذبين. .
وإذا قال هؤلاء بأننا علمنا أن مسيلمة كاذب بتكذيب النبي له قلنا لهم وكذلك يجب أن تحكموا على كل مشايخ التصوف الذين يزعمون نزول الوحي عليهم بتكذيب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيضًا لهم. إنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو القائل لا تقوم الساعة حتى يقوم كذابون كثيرون يزعم كل منهم أنه نبي. . وأن لا نبي بعدي وأليس كل من زعم أنه يوحى إليه قد ادعى النبوة فكيف إذا زعم أيضًا أنه يرى الله؟ ويلتقي بالملائكة ويسمع أصواتهم، ويلتقي بالخضر، وينزل عليه الكتب مكتوبة من السماء، ويطلع بقلبه على الملأ الأعلى والملأ الأسفل، أليس مسيلمة كان أقل كذبًا من هؤلاء بل وأحكم منطقًا وأعظم عقلًا؟
أقول لما علم ابن عربي ومن على شاكلته أن دعاواهم هذه لن تنطلي إلا على جاهل من أهل القبلة، وأن علماء المسلمين لا بد أن يكفروهم ويزندقوهم فإنه احتاط لذلك وأجاب عما رماه به علماء الأمة الصالحون، ورموا به أيضًا من هم على شاكلته في ادعاء العلم الغيبي والكشف الصوفي. أجاب على ذلك بأنهم على شريعة خاصة، وأن علماء الشريعة يمكن أن يحملوا كلام الصوفية على خلاف في الرأي كما هو حادث بين الشافعي والحنفي أو ينزلوا كلام المتصوفة كأنه كلام أهل الكتاب فلا يصدقونهم ولا يكذبونهم. .
قال الشعراني:
" (فإن قلت) قد رأينا في كلام بعضهم تكفير الأولياء المحدّثين بفتح الدال المهملة لكونهم يصححون الأحاديث التي قال الحفاظ بضعفها. (فالجواب) تكفير الناس للمحدثين المذكورين عدم إنصاف منهم لأن حكم المحدثين حكم المجتهدين فكما يحرم على كل واحد من المجتهدين أن يخالف ما ثبت عنده فكذلك المحدثون بفتح الدال وكلاهما أشرع بتقرير رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ. قال الشيخ محيي الدين في الباب الثالث والسبعين من الجواب السابع والخمسين: وقد وقع لنا التكفير مع علماء عصرنا لما صححنا بعض أحاديث قالوا بضعفها قال ونحن نعذرهم في ذلك لأنه ما قام عندهم على صدق كل واحد من هذه الطائفة