" كن بين يدي شيخك كالميت بين يدي المغسل ". . والعجيب أنهم لم يكتفوا بهذا أيضًا بل جعلوا من جملة الآداب في خطاب الشيخ أن يسأل الله التوفيق قبل أن يبدأ أمام الشيخ بالكلام. . انظر ما يقولون:
" وقال أيضًا من الأدب مع الشيخ أن المريد إذا كان له كلام مع الشيخ في شيء من أمر دينه أو دنياه لا يعجل بالإقدام على مكالمة الشيخ بالهجوم عليه حتى يتبين له من حال الشيخ أنه مستعد له ولسماع كلامه فكما أن للدعاء أوقاتًا وآدابًا وشروطًا لأنه مخاطبة لله تعالى فللقول مع الشيخ أيضًا آداب وشروط لأنه من معاملة الله تعالى (! !) ويسأل الله قبل الكلام مع الشيخ التوفيق لما يجب من الآداب " ا. هـ. (الإبريز ص٢١٣) .
فجعلوا الشيخ هنا بمنزلة الله سبحانه وتعالى فكما أن لدعاء الله شروطًا وآدابًا وأوقاتًا. . فكذلك يجب أن يكون الكلام مع الشيخ. . وانظر قوله (لأنه. . أي لأن معاملة الشيخ من معاملة الله تعالى. .) فأي عبودية في الأرض أعظم من هذه؟ . . .
وحتى يتلبس الأمر على المريدين التباسًا كاملًا ولا يستطيع المريد أن يفرق بين الشيخ والله فإن المتصوفة زعموا أن الشيخ عندما يتكلم بكلامه في الدرس لا يكون متكلمًا من عند نفسه وإنما هو مستمع كذلك لما يلقى عليه من الله، وما يجري على لسانه رغمًا عنه فالشيخ غير مسئول عن كلامه، لأن كلامه في الدرس وحي من الله وإلهام إليه لا حيلة له فيه. قال السلجماسي:
" قال ويكون الشيخ فيما يجريه الحق سبحانه وتعالى على لسانه مستمعًا كأحدكم فأشكل ذلك على بعض الحاضرين وقال إذا كان القائل يعلم ما يقول فكيف يكون مستمعًا (فرجع إلى منزله فرأى في ليلته في المقام كأن قائلًا يقول له: أليس الغواص يغوص في البحر لطلب الدر ويرجع بالصدف) ويرجع بالصدف في مخلاته والدر وقد حصل معه ولكن لا يراه إلا إذا خرج من البحر ويشاركه في رؤية الدر من هو على الساحل ففهم في المنام إشارة الشيخ في