للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتطويل فإن ذلك يزيل هيبة الشيخ وهذا والله أعلم ما لم يطلب منه الشيخ الإكثار من الكلام فإن طلب منه ذلك وكان للشيخ فيه غرض فإنه ينبغي له حينئذ الإسهاب والتطويل مراعيًا خاطر الشيخ فإذا رآه شبع من الكلام فإنه يجب عليه الرجوع إلى أدبه وقد سبق ما كان يقوله لنا الشيخ ـ رضي الله عنه ـ حين يغيب في المشاهدة أهدروا علي كثيرًا فإن الله يأجركم على ذلك يعني لأنه يرجع بذلك إلى حسه. أصل هذا الكلام الذي في البيت لصاحب العوارف قال فيها بعد أن ذكر تأويلات في قوله تعالى {لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات: ١] . وقيل نزلت في أقوام كانوا يحضرون مجلس رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإذا سأل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن شيء خاضوا فيه وتقدموا بالقول والفتوى فنهو عن ذلك وهكذا دأب المريد في مجلس الشيخ ينبغي أن يلزم السكون ولا يقول شيئًا بحضرته من كلام حسن إلا إذا استأمر الشيخ في ذلك ووجد من الشيخ فسحة " ا. هـ. (الإبريز ص٢٠٥) .

وقد جاوزوا هنا ما أمر الله به المسلمين مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأن قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات: ١] . معناها أي لا تفتوا قبل أن يفتي ولا تحكموا في شيء حتى يأتيكم حكمه من الله ورسوله. وليس معناه لا تبدأوا في أي كلام وإلا فالصحابة كثيرًا ما كانوا يبدأون ويعيدون في شئون كثيرة والنبي جالس يستمع وربما تبسم ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما يتكلمون أحيانًا في شئون الجاهلية. كما ثبت في صحيح مسلم وغيره أن الصحابة كانوا يجلسون مع النبي بعد صلاة الصبح يستمع لهم وربما تبسم ـ صلى الله عليه وسلم ـ. . وأما هؤلاء الصوفية فإنهم جعلوا على المريد حجرًا أن لا يتكلم بحضرة شيخه إلا أذن له. . وأن يختصر حيث أراد الشيخ أن يطيل إذا أمره الشيخ بذلك فجعلوه آلة ميتة يتحرك بحركة الشيخ ولماذا نذهب بعيدًا وقد أجملوا هذه الآداب مع شيخهم بقولهم:

<<  <   >  >>