ويفترون آلاف الافتراءات على الله ورسالته، وقد يصدقون مرة واحدة. والمهم في هذا الصدد أن هؤلاء المشايخ بمثل هذا الأمر جعلوا المريد صنمًا مع شيخه لا يستطيع أن يقاطعه أو أن يعترض عليه لأن الشيخ أصلًا مستمع لما يوحى إليه وليس مؤلفًا ولا ناقلًا كلام نفسه.
وجعلوا من واجب المريد أيضًا أن لا يسافر سفرًا إلا بإذن الشيخ. قال عبد الكريم القشيري:
" ومن أحكام المريد إذا لم يجد من يتأدب به في موضعه أن يهاجر إلى من هو منصوب في وقته لإرشاد المريدين ثم يقيه إليه ولا يبرح عن سدته إلى وقت الإذن "(القشيرية ص١٨٤) .
وبالطبع الإذن الذي يجب على المريد أن ينتظره ليس هو إذن الشيخ في زعمهم وإنما هو الإذن الإلهي فالشيخ يأمر المريد أن يبقى في مكانه ولا يتحول عنه إلا إذا جاءه الأمر الإلهي بأن يسافر من عند شيخه. وبالطبع ليس هذا أمرًا إلهيًا وإنما هو أوامر شيطانية يلتزم بها هؤلاء وهؤلاء. .
ويفلسف القشيري هذا الأدب الصوفي، أعني عدم جواز سفر المريد وإلا بإذن شيخه، فيقول:
" ومن آداب المريد بل فرائض حاله أن يلازم موضع إرادته وأن لا يسافر قبل أن يقبله الطريق وقبل وصول القلب إلى الرب فإن السفر للمريد في غير وقته سم قاتل ولا يصل أحد منهم إلى ما كان يرجى له إذا سافر في غير وقته وإذا أراد الله بمريد خيرًا أثبته في أول إرادته وإذا أراد الله بمريد محنة شرده في مطارح غربته هذا إذا كان المريد يصلح للوصول فأما إذا كان شابًا طريقته للخدمة في الظاهر بالنفس للفقراء وهو دونهم في هذه الطريقة رتبة فهو وأمثاله يكتفون بالترسم في الظاهر فينقطعون في الأسفار وغاية نصيبهم من هذه الطريقة حجات يحصلونها وزيارات لمواضع يرتحل