إليها لبقاء شيوخ بظاهر سلام فيشاهدون الظواهر ويكتفون بما في هذا الباب من السير فهؤلاء الواجب لهم دوام السفر حتى لا تؤديهم الدعة إلى ارتكاب محظور فإن الشاب إذا وجد الراحة والدعة كان في معرض الفتنة إذا توسط المريد جميع الفقراء والأصحاب في بدايته فهو مضر له جدًا وإن امتحن واحد بذلك فليكن سبيله احترام الشيخ والخدمة للأصحاب وترك الخلاف عليهم والقيام بما فيه راحة فقيره والجهد أن لا يستوحش منه قلب شيخ ويجب أن يكون في صحبته مع الفقراء أبدًا خصمهم على نفسه ولا يكون خصم نفسه عليهم ويرى لكل واحد منهم عليه حقًا واجبًا ولا يرى لنفسه واجبًا على أحد " ا. هـ. (القشيرية ص١٨٣) .
وهكذا يجب أن يكون المريد أداة طيعة في يد شيخه يختار له من المراتب والمسالك ما يريد. بل يجب عليه أيضًا أن ينخلع عن حرفته وصنعته وأن ينقطع كل علائقه بالدنيا، وينقطع انقطاعًا كاملًا لشيخه. .
والحق أن قضية الانقطاع الكامل عن الدنيا والإقبال التام على التصوف وملازمة الشيوخ كان هو الأمر في القرن الرابع وما بعده، وما زال هذا موجودًا في الإقطاعيات الصوفية الكثيرة التي تأتيها دخول دائمة وأوقاف دائمة للمريدين الذين يجب أن يسير فيه. ويقول القشيري أيضًا:
" وكل مريد بقي في قلبه شيء من عروض الدنيا مقدار وخطر فاسم الإرادة له مجاز وإذا بقي في قلبه اختيار فيما يخرج عنه من معلومه فيريد أن يخص به نوعًا من أنواع البر أو شخصًا دون شخص فهو متكلف في حاله وبالخطر أن يعود سريعًا إلى الدنيا لأن قصد المريد في حذف العلائق الخروج منها لا السعي في أعمال البر وقبيح بالمريد أن يخرج من معلومه من رأس ماله وقنيته ثم يكون أسير حرفة وينبغي أن يستوي عنده وجود ذلك وعدمه حتى لا ينافر لأجله فقيرًا ولا يضايق به أحدًا ولو مجوسيًا " انتهى (القشيرية ص١٨٤) .