خراسان وعلى يد الفرس في البصرة والكوفة بل حتى في الشام حين دخلها إبراهيم بن أدهم وصحبه. وينبغي أن نذكر الدور الذي قام به الفرس من إدخالهم مثلهم الدينية في التشيع الغالي الأول حين نصروا المختار، وعاضدوا حركة الغلو العجلية، وانضموا إلى حركة أبي هاشم حتى أدى بهم الأمر إلى تأليه أبي مسلم الخراساني، كما فعلوا مع أئمة الشيعة من العلويين. يضاف إلى ذلك أنهم نصروا حركة عبد الله بن معاوية في فارس أيضًا وأسبغوا عليه النور الإلهي الذي سنجده في التصوف واضحًا جليًا. وهذا كله يعني أن الفرس قد بدؤوا إضافة القداسة إلى البيت النبوي باعتبارها أساسًا موازيًا لأسسهم السياسية والدينية السابقة من تأليههم الملوك، وقولهم بالنور الذي ينتقل من ملك إلى آخر، فثبتت الولاية لعلي بن أبي طالب على نحو مبالغ فيه، وانتقلت هذه الولاية المقدسة مع زيادات وإضافات وحواش إلى الأئمة من بعده حتى بلغ الأمر حد التأله " (الصلة بين التصوف والتشيع ص٣٤١ ـ ٣٤٣) .
وهذه الشهادات تعني في الجملة أن التصوف والتشيع عند الإيرانيين كان دائمًا وسيلة إلى غاية ولم يكن عقيدة وانتحالًا خالصًا، وهذا يصل إليه الدكتور كامل الشيبي في خلاصة بحثه حيث يقول:
" وقد استعان المختار بالوالي لأول مرة في تاريخ التشيع وكان ذلك من أسباب فشل حركته، وانفضاض العرب عنه، ويجب أن نلاحظ هنا أن دور الفرس في التشيع المبكر كان مؤقتًا فقد انصرفوا من بعد المختار إلى موالاة العباسيين وعادوا إلى التشيع من جديد بعد أن نزلت بهم ضربة السفاح أولًا. ثم المنصور ثم الرشيد. بل لقد وجدناهم يمنعون العلويين الخلافة حين تسلم البويهيون أزمة الحكم من العباسيين. وبهذا يتبين لنا أن دور الفرس في التشيع بل في الإسلام كان مجرد وسيلة لاستعادة المجد القديم، وإلغاء التسلط العربي عن كواهلهم " (الصلة بين التصوف، لكامل الشيبي ص١٠١) .