فهو عين ما ظهر، وهو عين ما بطن في حال ظهوره، وما ثم من يراه غيره، وما ثم من يبطن عنه، فهو ظاهر لنفسه باطن عنه، وهو المسمى أبا سعيد الخراز وغير ذلك من أسماء المحدثات ".
فانظر استهزاءه باسم الله (العلي) حيث يقول: على من؟ وعن ماذا؟ وليس في الوجود غيره، فهو المحدثات، بل هو المسمى أبو سعيد الخراز، وأبو سعيد هذا أحد أئمة القوم في القرن الثالث الهجري. .
وانظر كيف جعلوا العلو إنما هو لبعض المحدثات على بعض، وما دام أن جميع المحدثات هو الحق، وهو الله عندهم، فلا يوصف الله بالعلو إضافة أبدًا، لأنه ليس شيء غيره في الكون، ولكن يوصف ـ عندهم ـ بالعلو لذاته فقط.
ولا يتورع ابن عربي مع ذلك أن ينسب ما في الوجود من شر وقبائح وظلم وسفك دم إلى الله، بل يجعل كل ذلك هو الله فيقول: " فالعلي لنفسه هو الذي يكون له الكمال الذي يستغرق به جميع الأمور الوجودية، حيث لا يمكن أن يفوته نعت منها، وسواء كانت محمودة عرفًا وعقلًا وشرعًا، أو مذمومة عرفًا وعقلًا وشرعًا، وليس ذلك إلا لمسمى الله خاصة " (الفصوص ص٧٩) .
فانظر كيف جعل مسمى الله يستغرق جميع الأمور الوجودية، سواء كانت ممدوحة في العرف والعقل والشرع، أم كانت مذمومة في العرف والعقل والشرع، وليس هناك كفر على الأرض أكبر من هذا الكفر، بل ليس هناك وقاحة وسوء أدب مع الله أعظم من هذا، فاللهم رحمتك بنا ونقمتك بأولئك، أبعدهم الله. .
ولقد كرر هذا المعنى كثيرًا في كتابه فقال أيضًا: " ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه وبصفات النقص وبصفات الذم؟ " (الفصوص ص٨٠) .
ولم يكتف بهذا القول المجمل، بل فصل ذلك أيضًا حيث جعل الكبش الذي أنزله الله فداءً لإسماعيل من الذبح هو الله ـ تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا ـ.