ج ـ وهذا الشبلي أيضًا يقول لأحد زواره عند خروجه: " أنا معكم حيثما كنتم، أنتم في رعايتي وفي كلاءتي ".
د ـ وكان من أجرأ هؤلاء الذين صرحوا بهذا العلم الباطن الحلاج وقبل أن أستشهد بشيء من أقواله أحب أن أقدم هذه المقدمة عنه:
نشأ الحلاج في أواخر القرن الثالث الهجري، وهو من أهل بيضاء فارس، ونشأ بواسط بالعراق، وصحب الجنيد الذي يعتبر سيد الطائفة الصوفية، وأبا الحسين النوري والفوطي، وقد قتل ببغداد، وصلب يوم الثلاثاء السادس من ذي القعدة سنة تسع وثلاث مئة وعموم المتصوفة راضون عنه، وإن كان قد رده بعضهم بعد قتله خوفًا على أنفسهم، ولكن ذكر الأقدمون منهم أقواله في كتبهم دون ذكر اسمه، بأن يقولوا مثلًا: قال أحد الكبراء (وهذا صنيع أبي بكر محمد الكلاباذي الذي ألف الموسوعة الصوفية الثانية بعد اللمع، وهو كتابه (التعرف على مذهب أهل التصوف) وكذلك صنيع السراج الطوسي صاحب الموسوعة الصوفية الأولى (اللمع) وقد استشهد بكلام الحلاج في أكثر من خمسين موضعًا من كتابه مصدرًا القول بقوله: قال بعضهم، أو قال القائل) (انظر مقدمة كتاب الحلاج ص١١) ولم يستطيعوا التصريح باسمه، وهذا صنيع أكبر رجلين كتبا في التصوف في القرن الرابع، وهما أبو بكر محمد الكلاباذي المتوفي سنة ٣٨٠هـ ـ وأبو نصر السراج الطوسي المتوفي سنة ٣٧٨هوقد بالغت طائفة منهم بالثناء عليه حتى قال عنه محمد بن خفيف: " الحسين بن منصور عالم رباني " (طبقات الصوفية ص٣٠٨) .
وفي القرن الخامس وما يليه ابتدأ المتصوفة يصرحون باسمه، ويذكرون مقالاته، ويشهدون بفضله وسعته، فقد أشاد به أبو حامد الغزالي، وابن عربي، وعبد الغني النابلسي وكل المتصوفة منذ القرن الخامس. وأما في العصر الحديث فقد كتب فيه طه عبد الباقي سرور كتابًا بعنوان:(الحلاج شهيد التصوف الإسلامي) وقد جعله في هذا الكتاب ثائرًا على الفساد، ومصلحًا إجتماعيًا، وداعية إسلاميًا إلى الله سبحانه وتعالى.