للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنصارى أكثر غلوا في الاعتقادات والأعمال (١) من سائر الطوائف، وإياهم نهى الله عن الغلو في القرآن، في قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: ١٧١] (٢) .

وسبب هذا اللفظ العام: رمي الجمار، وهو داخل فيه، فالغلو فيه: مثل الرمي بالحجارة (٣) الكبار، ونحو ذلك. بناء على أنه قد أبلغ من الحصى الصغار (٤) .

ثم علل ذلك: بأن ما أهلك من (٥) قبلنا إلا (٦) الغلو في الدين، كما تراه في النصارى، وذلك يقتضي: أن مجانبة هديهم مطلقا أبعد عن (٧) الوقوع فيما به هلكوا، وأن المشارك لهم في بعض هديهم، يخاف عليه أن يكون هالكا.

ومن ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم حذرنا من مشابهة من قبلنا، في أنهم كانوا يفرقون في الحدود بين الأشراف والضعفاء، وأمر أن يسوى (٨) بين الناس في ذلك، وإن كان كثير من ذوي الرأي والسياسة قد يظن أن إعفاء الرؤساء أجود في السياسة.

ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، في شأن المخزومية التي سرقت (٩) لما كلم أسامة (١٠) . . . . . . . . . . . . . . . .


(١) في (أط) : في الاعتقاد والعمل.
(٢) سورة النساء: من الآية ١٧١.
(٣) في المطبوعة: مثل رمي الحجارة الكبار.
(٤) في المطبوعة: على أنه قد بالغ في الحصى الصغار. وبه يتغير معنى العبارة.
(٥) في المطبوعة: من كان.
(٦) إلا: ساقطة من (أط) .
(٧) في (أ) : من.
(٨) في (أ) : نسوي.
(٩) وهي: فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد، وقيل: أم عمرو بنت سفيان بن عبد الأسد. انظر: فتح الباري (١٢ / ٨٨) .
(١٠) هو الصحابي الجليل: أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي، حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وابن حبه، ولد في الإسلام، وأَمَّره رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على جيش عظيم، فلما مات صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنفذه أبو بكر، وكان أسامة ممن اعتزل الفتنة بعد مقتل عثمان. توفي في خلافة معاوية سنة (٥٤) .
انظر: الإصابة (١ / ٣١) ، (ت ٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>