للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الغرض، ويورثهم ضررا أعظم منه، وقد يكون الدعاء مكروها ويستجاب له أيضا. ثم هذا التحريم والكراهة قد يعلمه الداعي، وقد لا يعلمه، على وجه لا يعذر فيه بتقصير في طلب العلم، أو ترك للحق، وقد لا يعلمه على وجه يعذر فيه، بأن يكون فيه مجتهدًا، أو مقلدا، كالمجتهد والمقلد اللذين يعذران في سائر الأعمال، وغير المعذور قد يتجاوز عنه في ذلك الدعاء؛ لكثرة حسناته وصدق قصده، أو لمحض رحمة الله به، أو نحو ذلك من الأسباب.

فالحاصل: أن ما يقع من الدعاء المشتمل على كراهة شرعية (١) بمنزلة سائر أنواع العبادات. وقد علم (٢) أن العبادة المشتملة على وصف مكروه قد تغفر تلك الكراهة (٣) لصاحبها، لاجتهاده أو تقليده، أو حسناته أو غير ذلك. ثم ذلك لا يمنع أن يعلم أن ذلك مكروه ينهى (٤) عنه، وإن كان هذا الفاعل المعين (٥) قد زال موجب الكراهة في حقه.

[أثر العبادة والدعاء عند القبور ليس دليلا على استحسانها]

ومن هنا يغلط كثير من الناس، فإنهم يبلغهم أن بعض الأعيان من الصالحين عبدوا عبادة، أو دعوا دعاء، ووجدوا أثر تلك العبادة وذلك الدعاء، فيجعلون ذلك دليلا على استحسان تلك العبادة والدعاء، ويجعلون ذلك العمل سنة، كأنه قد فعله نبي، وهذا غلط، لما ذكرناه. خصوصا إذا كان ذلك العمل إنما كان أثره بصدق قام بقلب فاعله حين الفعل، ثم يفعله الأتباع صورة لا صدقا، فيضرون به (٦) لأنه ليس العمل مشروعا فيكون (٧) لهم ثواب


(١) في (ب) : زاد " قد يغفر تلك الكراهية ".
(٢) علم: ساقطة من (أ) .
(٣) في (د) : الكراهية.
(٤) في (ب) : منهي عنه.
(٥) في (د) : للعين.
(٦) في المطبوعة: فيضربون به.
(٧) في المطبوعة: فلا يكون.

<<  <  ج: ص:  >  >>