للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيدًا. فانظر هذه السنة كيف مخرجها من أهل المدينة وأهل البيت، الذين لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم قرب النسب وقرب الدار، لأنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم فكانوا لها أضبط.

[إطلاق العيد على المكان الذي يقصد الاجتماع فيه]

والعيد إذا جعل اسمًا للمكان فهو المكان الذي يقصد الاجتماع فيه، وانتيابه (١) للعبادة عنده، أو لغير العبادة، كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة، جعلها الله عيدًا، مثابة للناس، يجتمعون فيها، وينتابونها، للدعاء والذكر والنسك، وكان للمشركين أمكنة ينتابونها للاجتماع عندها. فلما جاء الإسلام محا الله ذلك كله.

وهذا النوع من الأمكنة يدخل فيه قبور الأنبياء والصالحين والقبور التي يجوز أن تكون قبورًا لهم، بتقدير كونها قبورًا لهم، بل وسائر القبور أيضًا داخلة في هذا. فإن قبر المسلم له من الحرمة ما جاءت به السنة، إذ هو بيت المسلم الميت، فلا يترك عليه شيء من النجاسات بالاتفاق ولا يوطأ ولا يداس، ولا يتكأ عليه عندنا، وعند جمهور العلماء، ولا يجاور بما يؤذي الأموات من الأقوال والأفعال الخبيثة، ويستحب عند إتيانه السلام على صاحبه، والدعاء له، وكلما كان الميت أفضل، كان حقه أوكد.

قال بريدة بن الحصيب (٢) رضي الله عنه: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا


(١) في المطبوعة: وإتيانه. وانتيابه: أي إتيانه مرة بعد أخرى. انظر: القاموس المحيط، فصل الواو، باب الباء (١ / ١٤٠) .
(٢) هو الصحابي الجليل: بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحرث بن الأعرج الأسلمي، أسلم أثناء الهجرة، وقدم إلي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد أحد، وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ست عشرة غزوة، وغزا خراسان في زمن عثمان، وكان سكن البصرة لما فتحت، ثم سكن مرو إلى أن مات في خلافة يزيد سنة (٦٣هـ) . انظر الكتاب: الإصابة (١ / ١٤٦) ، (ت٦٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>