للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل بنفس ذاته، وما جعله له ربه من الكرامة، لم يكن قد سأله بسبب يوجب المطلوب.

[التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة]

وحينئذ فيقال: أما التوسل والتوجه إلى الله (١) وسؤاله بالأعمال الصالحة التي أمر بها، كدعاء الثلاثة الذين آووا إلى الغار بأعمالهم الصالحة، وبدعاء الأنبياء والصالحين وشفاعتهم (٢) فهذا مما لا نزاع فيه، بل هذا من الوسيلة التي أمر الله بها في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: ٣٥] (٣) وقوله سبحانه {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: ٥٧] (٤) فإن ابتغاء الوسيلة إليه، هو: طلب من يتوسل به، أي يتوصل ويتقرب به إليه سبحانه، سواء كان على وجه العبادة والطاعة وامتثال الأمر، أو كان على وجه السؤال له، والاستعاذة به، رغبة إليه في جلب المنافع ودفع المضار.

ولفظ الدعاء في القرآن يتناول هذا وهذا، الدعاء بمعنى العبادة، أو الدعاء بمعنى المسألة، وإن كان كل منهما يستلزم (٥) الآخر، لكن العبد قد تنزل به النازلة فيكون مقصوده (٦) طلب حاجته، وتفريج كرباته، فيسعى في ذلك بالسؤال والتضرع، وإن كان ذلك من العبادة والطاعة، ثم يكون في أول الأمر قصده حصول ذلك المطلوب: من الرزق والنصر والعافية مطلقا، ثم الدعاء والتضرع يفتح له من أبواب الإيمان بالله عز وجل ومعرفته ومحبته، والتنعم


(١) في (ط) : ورسوله. هو تحريف من الناسخ.
(٢) قد فصل المؤلف هذه المسألة في كتاب مستقل وهو كتاب: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة. مطبوع، فليراجع فإنه مفيدا جدا.
(٣) سورة المائدة: من الآية ٣٥.
(٤) سورة الإسراء: من الآية ٥٧.
(٥) في (أط) : مستلزم.
(٦) في (أ) : مقصود.

<<  <  ج: ص:  >  >>