للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاجات ما ليس في غيره (١) ومع كونها تفعل في شدة الحر، مسبوقة بخطبتين: فالفجر ونحوها التي تفعل وقت البرد، مع قلة الجمع: أولى وأحرى. والأحاديث في هذا كثيرة.

وإنما ذكرنا هذا تفسيرا (٢) لما في حديث أنس، من تقدير صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ قد يحسب من يسمع هذه الأحاديث: أن فيها نوع تناقض، أو يستمسك (٣) بعض الناس ببعضها دون بعض، ويجهل معنى ما تمسك به.

[التشديد على النفس أنواعه وآثاره]

وأما في حديث أنس المتقدم من قول (٤) النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشددوا على أنفسكم، فيشدد الله عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات (٥) رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم» (٦) . ففيه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشدد في الدين بالزيادة على المشروع.

والتشديد: تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب، ولا مستحب: بمنزلة الواجب والمستحب في العبادات (٧) وتارة باتخاذ ما ليس بمحرم، ولا مكروه بمنزلة المحرم والمكروه، في الطيبات. وعلل ذلك بأن الذين شددوا على أنفسهم من النصارى، شدد الله عليهم لذلك، حتى آل الأمر إلى ما هم عليه من الرهبانية المبتدعة.

وفي هذا تنبيه على كراهة النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما عليه النصارى من الرهبانية


(١) في المطبوعة: غيرها.
(٢) في المطبوعة: التفسير.
(٣) في المطبوعة: أو يتمسك.
(٤) في (ب) : من قوله.
(٥) في (أط) : والديار.
(٦) الحديث مر تخريجه (ص ٢٩٦) .
(٧) في (ط) : في العادات.

<<  <  ج: ص:  >  >>