أما التكلم بغير العربية لغير ضرورة، فإن السلف كانوا يكرهونه أشد الكراهية، وينهون عنه، ولهم في ذلك أقوال معروفة سرد المؤلف الكثير منها.
وكانوا يرون أن العربية من مستلزمات الدين، وغيرها شعار النفاق، لذلك لما فتحوا الأمصار، سارعوا إلى تعليم أهلها العربية حتى سرت سريان النور في الظلام، رغم صعوبة ذلك ومشقته.
فالعربية هي لغة الإسلام، ولغة القرآن، ولا يتأتى فهم الكتاب والسنة فهمًا صحيحًا سليمًا إلا بها، فهي من مستلزمات الإسلام وضرورياته، وإهمالها والتساهل بها لا بد أن يضعف من فهم الدين، ويساعد على الجهل به.
وأرى أنه من الخطأ الفادح: مزاحمة اللغة العربية باللغات الأخرى في مناهج التعليم في البلاد الإسلامية (١) على العموم، والعربية على الخصوص.
فليس هناك أي مبرر يجعل اللغات الأخرى تفرض في المدارس على جميع الطلبة، ولا على غالبهم، وفي كل المستويات، والواقع يثبت ما أقوله، فإن طلاب المدارس التي تفرض فيها اللغات الأجنبية اليوم، هم أضعف في اللغة العربية، في حين أنهم لم يكتسبوا من اللغات الأخرى شيئًا يذكر، فهم كالمنبت: لا ظهرًا أبقى، ولا أرضًا قطع، كما أنها تشكل عبئًا ثقيلًا، وشبحًا مخيفًا أمام أغلب الطلبة.
نعم، قد تكون هناك ضرورة للدول لتعلم بعض اللغات الأجنبية، وحينئذ يجب أن يتعلمها من يقع الاختيار عليه لحاجة الأمة، أو تفرض ذلك عليه طبيعة
(١) كانت العربية هي لغة المسلمين في كل العالم الإسلامي، حتى جاء الاحتلال فحارب العربية وأحلّ محلها اللغات القومية لكل بلد، أو إحدى اللغات الغربية خاصة الإنجليزية، مما أبعد الشعوب المسلمة عن فهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وسائر العلوم الإسلامية.