للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنكر معرفة تميز بينه وبين المباح والمعروف، والمستحب والواجب، حتى نتمكن بهذه المعرفة من اتقائه واجتنابه كما نعرف سائر المحرمات؛ إذ الفرض علينا تركها، ومن لم يعرف المنكر - (١) جملة ولا تفصيلا - لم يتمكن من قصد اجتنابه، والمعرفة الجملية كافية، بخلاف الواجبات: فإن الغرض (٢) لما كان فعلها، والفعل لا يتأتى (٣) إلا مفصلا، وجبت معرفتها على سبيل التفصيل.

وإنما عددت أشياء من منكرات دينهم، لما رأيت طوائف المسلمين قد ابتلي ببعضها، وجهل كثير منهم أنها من دين النصارى الملعون هو وأهله، وقد بلغني أيضا أنهم يخرجون في الخميس الذي قبل ذلك، أو يوم السبت، أو غير ذلك، إلى القبور؛ يبخرونها، وكذلك ينحرون (٤) في هذه الأوقات وهم يعتقدون أن في البخور بركة، ودفع أذى - وراء (٥) كونه طيبا - ويعدونه من القرابين مثل الذبائح، ويزفونه (٦) بنحاس، يضربونه كأنه ناقوس صغير، وبكلام مصنف، ويصلبون على أبواب بيوتهم، إلى غير ذلك من الأمور المنكرة.

ولست أعلم جميع ما يفعلونه، وإنما ذكرت (٧) ما رأيت كثيرا من المسلمين يفعلونه، وأصله مأخوذ عنهم، حتى إنه (٨) كان في مدة الخميس، تبقى الأسواق مملوءة من أصوات هذه النواقيس الصغار، وكلام الرقائين، من المنجمين وغيرهم، بكلام أكثره باطل، وفيه ما هو محرم أو كفر، وقد ألقي إلى


(١) في المطبوعة: لا جملة.
(٢) في المطبوعة: الفرض.
(٣) في (أ) : لا يأتي.
(٤) في (ج د) : يبخرون. وفي المطبوعة: يبخرون بيوتهم.
(٥) في المطبوعة: لا لكونه طيبًا. وفي (ب) : وراء لكونه.
(٦) في (ط) وفي المطبوعة: ويرقونه. ومعنى يزفونه: يحملونه مسرعين.
(٧) في المطبوعة: ذكرت ما ذكرت لما.
(٨) إنه: سقطت من (أج د) .

<<  <  ج: ص:  >  >>