للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرواية الثانية: أن ذلك مكروه غير محرم، وهذه التي ذكرها القاضي وغيره. وأخذوا ذلك -فيما أظنه- مما نقله عبد الله بن أحمد، قال: سألت أبي عمن ذبح للزهرة، قال: لا يعجبني. قلت: أحرام أكله؟ قال: لا أقول حراما، ولكن لا يعجبني (١) . وذلك أنه أثبت الكراهة دون التحريم.

ويمكن أن يقال: إنما توقف عن تسميته محرما؛ لأن ما اختلف في تحريمه وتعارضت فيه الأدلة، كالجمع بين الأختين المملوكتين (٢) ونحوه، هل يسمى حراما؟ على روايتين، كالروايتين عنه في أن ما اختلف في وجوبه، هل يسمى فرضا؟ على روايتين.

ومن أصحابنا من أطلق الكراهة، ولم يفسر: هل أراد التحريم أو التنزيه؟ قال أبو الحسن الآمدي: ما ذبح لغير الله مثل الكنائس والزهرة والشمس والقمر. فقال أحمد: مما أهل لغير الله به (٣) أكرهه، كل ذبح لغير الله، والكنائس، وما ذبحوا في أعيادهم، أكرهه؛ فأما ما ذبح أهل الكتاب على معنى الذكاة فلا بأس به.

وكذلك مذهب مالك، يكره ما ذبحه النصارى لكنائسهم، أو ذبحوا على اسم المسيح، أو الصليب، أو أسماء من مضى من أحبارهم ورهبانهم (٤) .

وفي المدونة: " وكره مالك أكل ما ذبحه أهل الكتاب لكنائسهم، أو لأعيادهم، من غير تحريم، وتأول قول الله تعالى {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: ١٤٥] (٥) قال


(١) انظر: أحكام أهل الذمة لابن القيم (١ / ٢٥٠) .
(٢) المملوكتين: ساقطة من المطبوعة.
(٣) في المطبوعة: هو مما أهل به لغير الله.
(٤) انظر: المدونة (٢ / ٦٧) برواية سحنون عن ابن القاسم عن مالك.
(٥) سورة الأنعام: من الآية ١٤٥.
انظر: المدونة برواية سحنون عن ابن القاسم، عن مالك (٢ / ٦٧) ، وفيها معنى الكلام لا لفظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>