فإنه من أوجب الواجبات على العلماء وطلاب العلم، العناية بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، دراسة، وحفظًا، واستنباطًا، وتحليلًا، وتعليمًا، وتطبيقًا، جمعًا بين العلم والعمل؛ لأنهم مؤتمنون على ذلك كله، وقد وضعت فيهم الأمة ثقتها وائتمنتهم على دينها، وقبل ذلك كله وبعده، هم مسؤولون أمام الله تعالى عن هذه الأمانة: أمانة العلم والعمل به، وتبليغه، وحفظه، والدعوة إليه، حتى تتم بهم القدوة والأسوة إلى الخير.
وإن مما ائتمنوا عليه هذا التراث العلمي الثمين، الذي تركه أئمة الإسلام، أسلافنا الأماجد في شتى صنوف العلم، وإن الكثير من هذا التراث لا يزال مخطوطًا، ومكنوزًا في زوايا المكتبات في شتى بقاع العالم، رغم شدة حاجة المسلمين إليه، وإني لأرى أنه من أول واجبات طالب العلم في هذا العصر العناية بهذه الكنوز، وخدمتها، بإخراجها للناس، محققة صافية يانعة، لتكون نبراسًا لكل مسلم في خضم الثقافات الغازية والأفكار الهدامة التي روجها أعداء الإسلام بين المسلمين اليوم.
وإن من أجدر تلك المخطوطات بالعناية، وأجودها وأنفعهما للمسلمين اليوم: كتب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله، وإن كانت بحمد الله لقي الكثير منها شيئًا من العناية من المحققين وطلاب العلم، لكن بقي الأكثر يحتاج إلى عناية وإخراج وإعداد وتحقيق ودراسة.
وانطلاقًا من هذا الواجب، وقع اختياري على كتاب من كتب الشيخ وهو: