للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العموم اللفظي المعنوي موجبا للنهي، ثم المخصص هو الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع، نصا واستنباطا، وأما عادة بعض البلاد أو أكثرها، أو قول كثير من العلماء أو العباد أو أكثرهم، ونحو ذلك، فليس مما يصلح أن يكون معارضا لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يعارض به.

ومن اعتقد أن أكثر هذه العادات المخالفة للسنن مجمع عليها، بناء على أن الأمة أقرتها، ولم تنكرها (١) فهو مخطئ في هذا الاعتقاد، فإنه لم يزل ولا يزال في كل وقت من ينهى عن عامة العادات المحدثة المخالفة للسنة، وما يجوز دعوى الإجماع بعمل بلد أو بلاد من بلاد المسلمين، فكيف بعمل طوائف منهم؟

وإذا كان أكثر أهل العلم لم يعتمدوا على عمل علماء أهل المدينة وإجماعهم في (٢) عصر مالك، بل رأوا السنة حجة عليهم كما هي حجة على غيرهم مع ما أوتوه من العلم والإيمان، فكيف يعتمد المؤمن العالم على عادات أكثر من اعتادها عامة، أو من قيدته العامة، أو قوم مترئسون بالجهالة، لم يرسخوا في العلم، لا يعدون من أولي الأمر، ولا يصلحون للشورى؟ ولعلهم لم يتم إيمانهم بالله وبرسوله (٣) أو قد دخل معهم فيها بحكم العادة قوم من أهل الفضل عن غير روية، أو لشبهة أحسن أحوالهم فيها أن يكونوا فيها بمنزلة المجتهدين من الأئمة والصديقين.


(١) في (أ) : ولم تنكر.
(٢) في (ب) : من عصر مالك.
(٣) وهذه هي حال سائر أصحاب الطرق الصوفية التي ابتليت بها أكثر بلاد المسلمين، فإنهم بجهلهم عملوا من العبادات ما لم يأذن به الله، وابتدعوا عوائد وأورادًا وطقوسًا ليس لها أصل في الكتاب والسنّة، حتى لقد بلغ الأمر ببعضهم إلى تعمد رفض ما جاء عن الله ورسوله، بدعوى أن شيوخهم يتلقون عن الله مباشرة، أو عن رسول الله بعد موته في المنام، بل واليقظة! ومن هنا زلت أقدامهم عن الحق، والعياذ بالله.

<<  <  ج: ص:  >  >>