للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو الرابعة (١) لما اجتمعوا: "إنه لم يمنعني أن أخرج إليكم إلا كراهة أن تفرض عليكم، فصلوا في بيوتكم؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة" (٢) فعلّل صلى الله عليه وسلم عدم الخروج بخشية الافتراض، فعلم بذلك أن المقتضي للخروج قائم، وأنه لولا خوف الافتراض لخرج إليهم.

فلما كان في عهد عمر رضي الله عنه جمعهم على قارئ واحد، وأسرج المسجد، فصارت هذه الهيئة وهي اجتماعهم في المسجد على إمام واحد مع الإسراج عملا لم يكونوا يعملونه من قبل؛ فسمي بدعة؛ لأنه في اللغة يسمى بذلك، ولم (٣) يكن بدعة شرعية؛ لأن السنة اقتضت أنه عمل صالح لولا خوف الافتراض، وخوف الافتراض قد زال بموته صلى الله عليه وسلم فانتفى المعارض.

وهكذا جمع القرآن، فإن المانع من جمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أن الوحي كان لا يزال ينزل، فيغير (٤) الله ما يشاء ويحكم ما يريد، فلو جمع في مصحف واحد لتعسر أو تعذر تغييره كل وقت، فلما استقر القرآن بموته صلى الله عليه وسلم واستقرت الشريعة بموته صلى الله عليه وسلم أمن الناس من زيادة القرآن ونقصه، وأمنوا من زيادة الإيجاب والتحريم، والمقتضي للعمل قائم بسنته صلى الله عليه وعلى آله


(١) أو الرابعة: سقطت من (أ) .
(٢) أخرجه البخاري مع اختلاف يسير في كتاب الاعتصام، باب ما يكره من كثرة السؤال، ومن تكلف ما لا يعنيه، الحديث رقم (٧٢٩٠) ، (١٣ / ٢٦٤) فتح الباري، وفي كتاب صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان، الحديث رقم (٢٠١٢) ، (٤ / ٢٥٠، ٢٥١) فتح الباري، وفي كتاب الجمعة، باب (٢٩) ، الحديث رقم (٩٢٤) فتح الباري، وفي مواضع أخرى أيضًا، وأخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان، الحديث رقم (٧٦١) ، (١ / ٥٢٤) ، وأخرجه أحمد في المسند (٥ / ١٨٢) .
(٣) في المطبوعة: وإن لم.
(٤) في (ب) : فيعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>