للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والواجب على الخلق: اتباع الكتاب والسنة، وإن لم يدركوا ما في ذلك من المصلحة والمفسدة، فننبه على بعض مفاسدها، فمن ذلك:

أن من أحدث عملا في يوم: كإحداث صوم أول خميس من رجب، والصلاة في ليلة تلك (١) الجمعة، التي يسميها الجاهلون: "صلاة الرغائب" (٢) مثلا. وما يتبع ذلك، من إحداث أطعمة وزينة، وتوسيع في النفقة، ونحو ذلك؛ فلا بد أن يتبع هذا العمل اعتقاد في القلب. وذلك لأنه لا بد (٣) أن يعتقد أن هذا اليوم أفضل من أمثاله، وأن الصوم فيه مستحب استحبابا زائدا على الخميس الذي قبله وبعده مثلا، وأن هذه الليلة أفضل من غيرها من الجمع، وأن الصلاة فيها أفضل من الصلاة في غيرها من ليالي الجمع خصوصا، وسائر الليالي عموما، إذ لولا قيام هذا الاعتقاد في قلبه، أو في قلب متبوعه لما انبعث القلب لتخصيص هذا اليوم والليلة، فإن الترجيح من غير مرجح ممتنع.

وهذا المعنى قد شهد له الشرع بالاعتبار في هذا الحكم، ونص على تأثيره فهو من المعاني المناسبة المؤثرة، فإن مجرد المناسبة مع الاقتران، يدل على العلة عند من يقول بالمناسب القريب وهم (٤) كثير من الفقهاء، من أصحابنا وغيرهم. ومن لا يقول إلا بالمؤثرة فلا يكتفي بمجرد المناسبة، حتى يدل الشرع على أن مثل ذلك الوصف مؤثر في مثل ذلك الحكم، وهو قول كثير من الفقهاء أيضا، من أصحابنا وغيرهم. وهؤلاء إذا رأوا الحكم المنصوص فيه معنى قد أثر في مثل ذلك الحكم في موضع آخر، عللوا ذلك الحكم المنصوص به.


(١) تلك: ساقطة من (ط) .
(٢) سيأتي الكلام عنها عندما يتعرض لها المؤلف مع غيرها من البدع الزمانية التي استحدثها الناس (ص١٢١) .
(٣) في (ب) : وذلك ولا بد.
(٤) في (ب) : وهو.

<<  <  ج: ص:  >  >>