للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظمته (١) . فعلمت أن فعل هذه البدع يناقض الاعتقادات الواجبة، وينازع الرسل ما جاءوا به عن الله. وأنها تورث القلب نفاقًا، ولو كان نفاقًا خفيفًا.

ومثلها مثل أقوام كانوا يعظمون أبا جهل، أو عبد الله بن أبي (٢) لرياسته وماله ونسبه، وإحسانه إليهم، وسلطانه عليهم، فإذا ذمه الرسول أو بين نقصه، أو أمر بإهانته أو قتله، فمن لم يخلص إيمانه، وإلا يبقى (٣) في قلبه منازعة بين طاعة الرسول التابعة لاعتقاده الصحيح، واتباع ما في نفسه من الحال التابع لتلك الظنون الكاذبة (٤) .

فمن تدبر هذا، علم يقينًا ما في حشو البدع من السموم المضعفة للإيمان، ولهذا قيل: إن البدع مشتقة من الكفر.

وهذا المعنى الذي ذكرته معتبر في كل ما نهى عنه الشارع، من أنواع العبادات التي لا مزية لها في الشرع -إذا جاز أن يتوهم لها مزية- كالصلاة عند القبور، أو الذبح عند الأصنام، ونحو ذلك، وإن لم يكن الفاعل معتقدًا للمزية، لكن نفس الفعل قد يكون مظنة للمزية، فكما أن إثبات الفضيلة الشرعية مقصود، فرفع الفضيلة غير الشرعية مقصود أيضًا.

فإن قيل: هذا يعارضه أن هذه المواسم -مثلًا- فعلها قوم من أولي العلم والفضل، الصديقين فمن دونهم، وفيها فوائد يجدها المؤمن في قلبه وغير قلبه: من طهارة قلبه ورقته، وزوال آصار الذنوب عنه، وإجابة دعائه، ونحو ذلك، مع ما ينضم إلى ذلك من العمومات الدالة على فضل الصلاة والصيام، كقوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى - عَبْدًا إِذَا صَلَّى} [العلق: ٩ - ١٠] (٥)


(١) في المطبوعة: بفعله وتعظيمه.
(٢) هو: عبد الله بن أبي ابن سلول، رأس المنافقين. مرت ترجمته. انظر: فهرس الأعلام.
(٣) في (ب) : فلا بد أن يبقى في قلبه منازعة.
(٤) الكاذبة سقطت من (ط) .
(٥) سورة العلق: الآيتان ٩، ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>