للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "يا قوم لأنتم أهدى من أصحاب (١) محمد (٢) أو لأنتم على شعبة ضلالة" (٣) .

وأصل هذا: أن العبادات المشروعة التي تتكرر بتكرر الأوقات، حتى تصير سننا ومواسم، قد شرع الله منها ما فيه كفاية العباد، فإذا أحدث اجتماع زائد على هذه الاجتماعات معتاد، كان ذلك مضاهاة لما شرعه الله وسنه. وفيه من الفساد ما تقدم التنبيه على بعضه، بخلاف ما يفعله الرجل وحده، أو الجماعة المخصوصة أحيانا، ولهذا كره الصحابة إفراد صوم (٤) رجب، لما شبه برمضان، وأمر عمر رضي الله عنه بقطع الشجرة التي توهموا أنها الشجرة التي بويع (٥) الصحابة تحتها بيعة الرضوان. لما رأى الناس ينتابونها (٦) ويصلون عندها، كأنها المسجد الحرام، أو مسجد المدينة، وكذلك لما رآهم قد عكفوا على مكان قد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم عكوفا عاما نهاهم عن ذلك، وقال: "أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟ " (٧) . أو كما قال رضي الله عنه.

فكما أن تطوع الصلاة فرادى وجماعة مشروع، من غير أن يتخذ جماعة


(١) في المطبوعة: أهدى من محمد.
(٢) في (ب) : صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورضي عنهم.
(٣) أخرجه الدارمي في سننه، باب في كراهية أخذ الرأي (١ / ٦٨) ، ولفظه: (والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحو باب ضلالة) ، ذكره في سياق قصة.
(٤) صوم: ساقطة من (أب) .
(٥) في (د) : التي بايع الصحابة تحتها. وفي المطبوعة: التي بايع الصحابة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تحتها.
(٦) في (ب) : يأتونها.
(٧) انظر القصة في كنز العمال (١٧ / ١٤٠) ورمز له بقوله: (عب) يعني عبد الرزاق في الجامع.

<<  <  ج: ص:  >  >>