للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الليل، أو بات في بيت بعض أصدقائه ودعا الله، لم يكن بهذا بأس.

ولو تحرى الدعاء عند صنم أو صليب، أو كنيسة (١) يرجو الإجابة بالدعاء في تلك البقعة، لكان هذا من العظائم. بل لو قصد بيتا أو حانوتا في السوق، أو بعض عواميد الطرقات يدعو عندها، يرجو الإجابة بالدعاء عندها لكان هذا من المنكرات المحرمة؛ إذ ليس للدعاء عندها فضل. فقصد القبور للدعاء عندها من هذا الباب بل هو (٢) أشد من بعضه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذها مساجد، واتخاذها عيدا، وعن الصلاة عندها، بخلاف كثير من هذه المواضع. وما يرويه بعض الناس من أنه قال: " إذا تحيرتم في الأمور فاستعينوا (٣) بأهل القبور "، أو نحو هذا، فهو كلام موضوع مكذوب باتفاق العلماء (٤) والذي يبين ذلك أمور:

أحدها: أنه قد تبين أن العلة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم لأجلها عن الصلاة عندها إنما هو لئلا تتخذ ذريعة إلى نوع من الشرك (٥) بالعكوف عليها وتعلق القلوب بها رغبة ورهبة.

ومن المعلوم أن المضطر في الدعاء الذي قد نزلت به نازلة فيدعو لاستجلاب خير كالاستسقاء، أو لرفع شر كالاستنصار (٦) حاله في افتتانه بالقبور - إذا رجا الإجابة عندها - أعظم من حال من يؤدي الفرض عندها في حال العافية، فإن أكثر المصلين - في حال العافية - لا تكاد قلوبهم تفتن بذلك


(١) في (ج د) : أو في كنيسة.
(٢) في (ب) : بل هذا.
(٣) في (أ) : فاستغيثوا.
(٤) انظر مجموع الفتاوى للمؤلف (١ / ٣٥٦) ، و (١١ / ٢٩٣) .
(٥) في المطبوعة: بقصدها وبالعكوف عليها.
(٦) أي طلب النصر والغوث عند الملمات.

<<  <  ج: ص:  >  >>