للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظن بواحد دون آخر. وهذه كلها من خصائص الأوثان.

ثم قد استجيب لبلعم بن باعور (١) في قوم موسى المؤمنين وسلبه الله الإيمان. والمشركون قد يستسقون فيسقون، ويستنصرون فينصرون.

وأما الجواب المفصل فنقول: مدار هذه الشبه على أصلين:

منقول: وهو ما يحكى من فعل هذا الدعاء عن (٢) بعض الأعيان.

ومعقول: وهو ما يعتقد من منفعته بالتجارب والأقيسة.

فأما النقل في ذلك: فإما كذب، أو غلط، أو ليس بحجة، بل قد ذكرنا النقل عمن يقتدى به بخلاف ذلك.

وأما المعقول فنقول: عامة المذكور من المنافع كذب، فإن هؤلاء الذين يتحرون الدعاء عند القبور وأمثالهم - إنما يستجاب لهم في النادر. ويدعو الرجل منهم ما شاء الله من دعوات، فيستجاب له في واحدة، ويدعو خلق كثير منهم، فيستجاب للواحد بعد الواحد وأين هذا من الذين يتحرون الدعاء أوقات الأسحار، ويدعون الله في سجودهم وأدبار صلاتهم، وفي بيوت الله؟ فإن هؤلاء إذا ابتهلوا (٣) من جنس ابتهال المقابريين (٤) لم تكد تسقط لهم دعوة إلا لمانع.


(١) في المطبوعة: بن باعوراء، وقد ورد اسمه باللفظين، وهو رجل من الكنعانيين، وقيل: من اليمن، أعطاه الله اسمه الأعظم، وقيل: النبوة، وقيل إنه كان لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه، حتى دعا على موسى عليه السلام وقومه، فعوقب بأن سلب الله منه الإيمان ووقع في الشهوات وطاعة الشيطان، وهو الذي قال الله فيه: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ سورة الأعراف: من الآية ١٧٥، وقصته مأثورة عن السلف. انظر: تفاصيلها في تفسير ابن جرير (٩ / ٨٣ - ٨٨) وأكثرها من عدد الإسرائيليات. والبداية والنهاية لابن كثير (١ / ٣٢٢) .
(٢) في (د) : من.
(٣) في المطبوعة: ابتهلوا ابتهالا.
(٤) في المطبوعة: القبوريين. وهو كما قلت خلاف عبارة المؤلف في جميع النسخ المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>