للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا قوله سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ - يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ - يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} [الحج: ١١ - ١٣] (١) .

وكذلك قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: ٤١] (٢) .

والقرآن عامته إنما هو في تقرير هذا الأصل العظيم الذي هو أصل الأصول. وهذا الذي ذكرناه كله من تحريم هذا الدعاء، مع كونه قد يؤثر، إذا قدر أن هذا الدعاء كان سببًا أو جزءًا من السبب، في حصول طلبته.

والناس قد اختلفوا في الدعاء المستعقب لقضاء الحاجات فزعم (٣) قوم من المبطلين، متفلسفة ومتصوفة، أنه لا فائدة فيه أصلًا، فإن المشيئة الإلهية والأسباب العلوية، إما أن تكون قد اقتضت وجود المطلوب، وحينئذ فلا (٤) حاجة إلى الدعاء، أو لا تكون اقتضته، وحينئذ فلا (٥) ينفع الدعاء.

وقال قوم ممن تكلم (٦) في العلم: بل الدعاء علامة ودلالة على حصول المطلوب، وجعلوا ارتباطه بالمطلوب ارتباط الدليل بالمدلول، لا ارتباط السبب بالمسبب بمنزلة الخبر الصادق والعلم السابق.


(١) سورة الحج: الآيات ١١ - ١٣.
(٢) سورة العنكبوت: الآية ٤١.
(٣) في (أ) : يزعم.
(٤) في (ط) : لا حاجة.
(٥) في (ب ط) : لا ينفع.
(٦) في (أج د) : يتكلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>