للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي (١) عن ابن عمر: أنه كان إذا قدم من سفر أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال: السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه (٢) . وعبد الرحمن بن زيد وإن كان يضعف، لكن الحديث المتقدم عن نافع - الصحيح (٣) - يدل على أن ابن عمر ما كان يفعل ذلك دائمًا ولا غالبًا.

وما أحسن ما قال مالك: " لن يصلح آخرَ هذه الأمة إلا ما أصلح أولها " (٤) ولكن كلما ضعف تمسك الأمم بعهود أنبيائهم، ونقص إيمانهم، عوضوا ذلك بما أحدثوه من البدع والشرك وغيره. ولهذا كرهت الأئمة (٥) استلام القبر وتقبيله، وبنوه بناء منعوا الناس أن يصلوا إليه. فكانت حجرة عائشة التي دفنوه فيها منفصلة عن مسجده (٦) وكان ما بين منبره وبيته هو الروضة، ومضى الأمر على ذلك في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، وزيد في المسجد زيادات وغُيِّرَ، والحجرة على حالها (٧) هي وغيرها من الحجر المطيفة بالمسجد من شرقيه وقبليه، حتى بناه الوليد بن عبد الملك (٨) وكان عمر بن عبد العزيز عامله على


(١) هو: زيد بن أسلم. مرت ترجمته. انظر: فهرس الأعلام.
(٢) انظر: كتاب (الشفا) للقاضي عياض (٢ / ٨٥) ؛ و (الاستذكار) لابن عبد البر (١ / ٢٣٣) .
(٣) انظر: (ص ١٨٠) من هذا الجزء.
(٤) كتاب (الشفا) للقاضي عياض (٢ / ٨٨) .
(٥) في (أب ط) : الأمة.
(٦) كذا جاء في (أط) . وفي (ب ج د) وفي المطبوعة: ملاصقة لمسجده. وفي الهامش في (ب ج د) : وضع رمز (خ) وقال: منفصلة عن مسجده. فلعله استدراك. فالذي يظهر لي أن عبارة (منفصلة عن مسجده) أصح؛ لأن هذا الوصف هو الذي يمنع الناس من الوصول إلى القبر من المسجد.
(٧) في (ج د) وفي المطبوعة: وغيروا الحجرة عن حالها. وما أثبته من (أب ط) أصح؛ لأنه يدل عليه السياق بعده.
(٨) هو: الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم القرشي الأموي، أحد خلفاء بني أمية، ولد سنة (٥٠ هـ) ، وتولى الخلافة بعد أبيه سنة (٨٦ هـ) ، كثرت في عهده الفتوحات، وكان يكرم طلاب العلم ويعطي العاجزين والمقعدين ونحوهم. واشتهر باللحن، وتوفي سنة (٩٦هـ) . انظر: البداية والنهاية لابن كثير (٩ / ١٦١ - ١٦٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>