للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تنازع العلماء فيما إذا فعل (١) فعلا من المباحات لسبب، وفعلناه نحن تشبها به، مع انتفاء ذلك السبب، فمنهم من يستحب ذلك ومنهم من لا يستحبه، وعلى هذا يخرج فعل ابن عمر رضي الله عنهما، بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في تلك البقاع التي في طريقه، لأنها كانت منزله، لم يتحر الصلاة فيها لمعنى في البقعة. فنظير هذا: أن يصلي المسافر في منزله، وهذا سنة.

فأما قصد الصلاة في تلك البقاع التي صلى فيها (٢) اتفاقا، فهذا لم ينقل عن غير ابن عمر من الصحابة، بل كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وسائر السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار (٣) يذهبون من المدينة إلى مكة حجاجا وعمارا ومسافرين، ولم ينقل عن أحد منهم أنه تحرى الصلاة في مصليات النبي صلى الله عليه وسلم. ومعلوم أن هذا لو كان عندهم مستحبا لكانوا إليه أسبق، فإنهم أعلم بسنته وأتبع لها من غيرهم. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة (٤) وكل بدعة ضلالة» (٥) .


(١) في المطبوعة: فعل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعلا.
(٢) في (ب) : النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وفي (ج د) : صلى فيها صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(٣) في (ب) : رضوان الله عليهم أجمعين.
(٤) كل محدثة بدعة: ساقطة من (د) .
(٥) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، حديث رقم (٤٦٠٧) ، (٥ / ١٣ - ١٥) . والترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، حديث رقم (٢٦٧٦) ، ٥ / ٤٤، ٤٥) ، وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". وابن ماجه في المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين، حديث رقم (٤٢) ، (١ / ١٥) . وأحمد في السنة (٤ / ١٢٦، ١٢٧) . والدارمي في المقدمة (١ / ٤٤، ٤٥) ، باب اتباع السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>