للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرشك (١) هل هو سؤال بمخلوق أو خالق؟ فيه نزاع بينهم، فلذلك تنازعوا فيه، وأبو يوسف بلغه الأثر فيه: " أسألك بمعاقد (٢) العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة " فجوزه لذلك.

وقد نازع في هذا بعض الناس، وقالوا: في حديث أبي سعيد الذي رواه ابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء الذي يقوله الخارج إلى الصلاة: «اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا، ولا رياء، ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار، وأن تغفر لي» (٣) .

وقد قال تعالى {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: ١] (٤) على قراءة حمزة وغيره ممن خفض (الأرحام) ، وقالوا: تفسيرها: أي يتساءلون به وبالأرحام، كما يقال: سألتك بالله وبالرحم. ومن زعم من النحاة أنه لا يجوز العطف على الضمير المجرور إلا باعادة الجار، فإنما قاله لما رأى غالب الكلام بإعادة الجار، وإلا فقد سمع من الكلام العربي - نثره ونظمه - العطف بدون ذلك كما حكى سيبويه: " ما فيها غيره وفرسه " (٥) ولا ضرورة هنا، كما يدعى مثل ذلك


(١) من هنا حتى قوله: منتهى الرحمة (سطران تقريبا) : ساقطة من (ط) .
(٢) في: (ج د) : بمقاعد.
(٣) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد، باب المشي إلى الصلاة، الحديث رقم (٧٧٨) ، (١ / ٢٥٦) ، وكتب المعلق (محمد فؤاد عبد الباقي) : " قال في الزوائد: هذا إسناده مسلسل بالضعفاء، عطية وهو العوفي وفضيل بن مرزوق، والفضل بن الموفق، كلهم ضعفاء. لكن رواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق فضيل بن مرزوق، فهو صحيح عنده" (١ / ٢٥٦) ، وأحمد في المسند (٣ / ٢١) كما أشار المؤلف إلى أن الحديث فيه عطية العوفي وفية ضعف. انظر: قول المؤلف فيه (٢ / ٣٢٣) .
(٤) سورة النساء: من الآية ١.
(٥) بعضهم يذكرها عن قطرب: انظر (أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك) (ص ٥٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>