للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن ذلك الفعل يتضمن مصلحة للعبد، أو مفسدة؛ وإن كان ذلك الفعل الذي حصلت به الموافقة، أو المخالفة، لو تجرد عن الموافقة والمخالفة، لم يكن فيه تلك المصلحة أو المفسدة، ولهذا نحن ننتفع بنفس (١) متابعتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والسابقين (٢) في أعمال لولا أنهم فعلوها لربما قد كان لا يكون لنا مصلحة؛ لما يورث ذلك من محبتهم وائتلاف قلوبنا بقلوبهم، وأن ذلك يدعونا إلى موافقتهم في أمور أخرى، إلى غير ذلك من الفوائد.

كذلك: قد نتضرر بمتابعتنا (٣) الكافرين في أعمال لولا أنهم يفعلونها لم نتضرر بفعلها، وقد يكون الأمر بالموافقة والمخالفة لأن ذلك الفعل الذي يوافق فيه (٤) أو يخالف، متضمن للمصلحة أو المفسدة ولو لم يفعلوه، لكن عبر عن (٥) ذلك بالموافقة والمخالفة، على سبيل الدلالة والتعريف؛ فتكون (٦) موافقتهم دليلا على المفسدة، ومخالفتهم دليلا على المصلحة، واعتبار الموافقة والمخالفة على هذا التقدير: من باب قياس الدلالة (٧) وعلى الأول: من باب قياس العلة، وقد يجتمع الأمران، أعني: الحكمة الناشئة من نفس الفعل الذي


(١) في (أ) : نحن نتبع نفس متابعتنا. . إلخ.
(٢) في المطبوعة زاد: من المهاجرين والأنصار.
(٣) في المطبوعة: بموافقتنا.
(٤) في المطبوعة: يوافق العبد فيه.
(٥) في (أط) : لكان عبر عنه، وفي (د) : لكن عبر عنه.
(٦) في (ب) : فيكون من موافقتهم.
(٧) قياس الدلالة هو: الاستدلال بأحد النظيرين على الأخر، كقياس مال الصبي على مال البالغ في وجوب الزكاة فيه، بجامع أنه مال نام.
أما قياس العلة فهو: ما كانت العلة فيه مقتضية للحكم، كقياس تحريم ضرب الوالدين على التأفف، بجامع الإيذاء.
انظر: إمتاع العقول بروضة الأصول لعبد القادر شيبة الحمد (١ / ١٧٨) جزء (١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>