للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأوردت المعتزلة صفات الأفعال: كالعدل والإحسان، فإنه يقال: إنه عادل محسن بعدل خلقه في غيره، وإحسان خلقه في غيره، فأشكل ذلك على من يقول: ليس لله فعل قائم به، بل فعله هو المفعول المنفصل عنه، وليس خلقه إلا مخلوقه. وأما من طرد القاعدة وقال أيضا: إن الأفعال قائمة به، ولكن المفعولات المخلوقة هي المنفصلة عنه، وفرق بين الخلق والمخلوق، فاطرد دليله واستقام.

والمقصود هنا (١) أن استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم بعفوه ومعافاته من عقوبته، - مع أنه لا يستعاذ بمخلوق - كسؤال الله بإجابته وإثابته، وإن كان لا يسأل بمخلوق. ومن قال من العلماء: لا يسأل إلا به، لا ينافي السؤال بصفاته، كما أن الحلف لا يشرع إلا بالله، كما ثبت في الحديث الصحيح، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» (٢) وفي لفظ للترمذي: «من حلف بغير الله فقد أشرك» قال الترمذي: " حديث حسن " (٣) ومع هذا، فالحلف (٤) بعزة الله، ولعمر الله، ونحو ذلك مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الحلف به، لم يدخل في الحلف بغير الله؛ لأن لفظ (الغير) قد يراد به المباين المنفصل، ولهذا لم يطلق السلف وسائر الأئمة على القرآن وسائر صفات الله، أنها غيره، ولم يطلقوا عليه أنها ليست غيره؛ لأن لفظ (٥) (الغير) فيه إجمال، قد يراد


(١) في (أ) : هذا.
(٢) صحيح البخاري، كتاب الإيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم، الحديث رقم (٦٦٤٦) ، (١١ / ٥٣٠) فتح الباري، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله، الحديث رقم (١٦٤٦) ، (٣ / ١٢٦٧) .
(٣) سنن الترمذي، كتاب النذور والأيمان، الحديث رقم (١٥٣٥) ، (٤ / ١١٠) .
(٤) في (أ) : فالحلف به بعزة الله.
(٥) لفظ: سقطت من (أ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>