للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحده» (١) .

والعبادات التي شرعها الله كلها تتضمن إخلاص الدين كله لله، تحقيقا لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: ٥] (٢) فالصلاة لله وحده، والصدقة لله (٣) وحده، والصيام لله وحده، والحج لله وحده، وإلى بيت الله وحده؛ فالمقصود من الحج: عبادة الله وحده في البقاع التي أمر الله بعبادته فيها، ولهذا كان الحج شعار الحنيفية، حتى قال طائفة من السلف: " حنفاء لله، أي حجاجا " (٤) فإن اليهود والنصارى لا يحجون البيت.

قال طائفة من السلف: لما أنزل الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: ٨٥] (٥) . قالت اليهود والنصارى: نحن مسلمون، فأنزل الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧] (٦) . فقالوا: لا نحج؟ فقال تعالى {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٩٧] (٧) وقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} [آل عمران: ٨٥] (٨) عام في الأولين والآخرين، فإن دين الإسلام هو دين الله الذي عليه أنبياؤه، وعباده المؤمنون، كما ذكر الله ذلك في


(١) أخرجه أحمد في المسند (١ / ٢١٤، ٢٢٤، ٢٨٣، ٣٤٧) ، عن ابن عباس وفيه: "جعلتني لله عدلا" بدل: "ندا" ومعناهما واحد.
(٢) سورة البينة: الآية ٥.
(٣) في (ج د) : أخر قوله: (والصدقة لله وحده) بعد الصيام.
(٤) انظر: تفسير ابن جرير (٣٠ / ١٧٠) ، حيث ذكر ما أشار إليه المؤلف.
(٥) سورة آل عمران: من الآية ٨٥.
(٦) سورة آل عمران: الآية ٩٧.
(٧) سورة آل عمران: الآية ٩٧.
ذكر ذلك ابن جرير في تفسيره (٣ / ٢٤١) .
(٨) في (د) : " فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ" من بقية الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>