للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأثبتوا ذاتا مجردة عن الصفات، ووجودا مطلقا بشرط الإطلاق.

وقد علم بصريح المعقول المطابق لصحيح المنقول: أن ذلك لا يكون إلا في الأذهان، لا في الأعيان. وزعموا أن إثبات الصفات يستلزم ما سموه (تركيبا) وظنوا أن العقل ينفيه، كما قد كشفنا أسرارهم وبينا فرط جهلهم، وما أضلهم من الألفاظ المجملة المشتركة في غير هذا الموضع (١) .

وطائفة: ظنوا أن التوحيد ليس إلا الإقرار بتوحيد الربوبية، وأن الله خلق كل شيء، وهو الذي يسمونه توحيد الأفعال (٢) .

ومن أهل الكلام: من أطال نظره في تقرير هذا التوحيد (٣) إما بدليل أن الاشتراك يوجب نقص (٤) القدرة وفوات الكمال، وبأن استقلال كل من الفاعلين بالمفعول محال، وإما بغير ذلك من الدلائل، ويظن أنه بذلك قرر الوحدانية وأثبت أنه لا إله إلا هو، (٥) وأن الإلهية هي: القدرة على الاختراع أو نحو ذلك، فإذا ثبت أنه لا يقدر على الاختراع إلا الله، وأنه لا شريك له في الخلق، كان هذا معنى قولنا: لا إله إلا الله، ولم يعلم أن مشركي العرب كانوا مقرين بهذا التوحيد، كما قال تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} [لقمان: ٢٥]


(١) فصل المؤلف هذا الموضوع في الرسالة التدمرية، وقد طبعت مستقلة في كتاب، كما أنها توجد ضمن مجموع الفتاوى (٣ / ١-١٢٨) .
(٢) وهم طوائف من الفلاسفة وأهل التصوف وعامة المتكلمين انظر: مجموع الفتاوى (٣ / ٩٧، ٩٨) .
(٣) في (ب ج د) وفي المطبوعة: في تقرير هذا الموضع.
(٤) في (ب) : بعض.
(٥) من هنا حتى قوله: وأنه لا شريك له (سطر تقريبا) من (أ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>