وضعوا في يده بيضة لتكون إشارة إلى كريّة العالم ومثال الكلّ وأنّ العالم كلّه محتاج إلى الطبّ، وليس اسقليبيوس «١» بأدنى مرتبة من براهم فإنّهم ذكروا فيه: إنّه قوّة إلهيّة اشتقّ لها هذا الأسم من فعلها، وهو منع اليبس لأن الموت عارض عند غلبة اليبس والبرد، وإن كانوا في النسبة الطبيعيّة يقولون فيه: إنّه ابن «افوللن» وإنّه ابن «فلاغوراوس» وإنّه ابن «قرونس» وهو كوكب زحل، كلّ ذلك لقوّة التثليث؛ فأمّا تقدّم الماء عند الهند في الخليفة فمن أجل أنّ به تماسك كلّ متهّب «٢» ونموّ كل نام «٣» وقوام الحياة في كلّ ذي روح فهو للصانع آلة وأداة إذا قصد الصنعة من مادّة وبمثله نطق التنزيل في قول الله سبحانه وتعالى: «وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ»
«٤» سواء حمل من ظاهر اللفظ على جسم معيّن مسمّى بهذا الاسم مأمور بتعظيمه أو حمل على تأويل بالملك وما أشبهه فالمعنى أنّه لم يكن وقتئذ بعد الله غير الماء وعرشه «٥» ، ولولا ان كتابنا مقصور على مقالات فرقة واحدة لأوردنا من مقالات الفرق الذين كانوا ببابل وحولها في القديم ما يشبه حديث هذه البيضة ويزيد سخافة عليه؛ وأمّا إشارة الهند إلى تنصيف البيضة فهي من جهة أنّ صاحب هذا الكلام عامّيّ لم يعرف إحاطة السماء بالأرض كاحاطة قشر «برهماند» بمخّها لكنّه تصوّر الأرض سفلا والسماء علوا من إحدى جهاتها فقط ولو تحقّق الأمر لم يحتج إلى فلق البيضة إلّا أنّه رام أن يبسط نصفها أرضا وينصب النصف الآخر عليها قبّة ففاضل «بطلميوس» في تسطيح الكرة ولكنّه لم يفضله، وما زالت المرموزات كذلك يتناولها في التأويل كلّ آخذ «٦» بما يوافق عقيدته، قال «أفلاطن» في كتاب «طيماوس» ممّا يشابه أمر برهماند: إن