ز- في كيفيّة الخلاص من الدنيا وصفة الطريق المؤدّي إليه
إذا كانت النفس مرتبطة في العالم ولرباطها سبب فإنّ خلاصها من الوثاق يكون بضدّ ذلك السبب لكنّا حكينا مذهبهم في أنّ سبب الوثاق هو الجهل فخلاصها إذن بالعلم إذا أحاطت بالأشياء إحاطة تحديد كلّيّ مميّز مغن عن الاستقراء ناف للشكوك لأنّها إذا فصلّت الموجودات بالحدود عقلت ذاتها وما لها من شرف الديمومة وللمادّة من خسّة التغيّر والفناء في الصور فاستغنت عنها وتحقّقت أنّ ما كانت تظنّه خيرا ولذّة هو شرّ وشدّة فحصلت على حقيقة المعرفة وأعرضت عن تلبّس المادّة فانقطع الفعل وتخلّصتا «١» بالمباينة؛ قال صاحب كتاب «پاتنجل» : إفراد الفكرة في وحدانيّة الله يشغل المرء بالشعور بشيء غير ما اشتغل به ومن أراد الله أراد الخير لكافّة الخلق من غير استثناء واحد بسبب، ومن اشتغل بنفسه عمّا سواها لم يصنع لها نفسا مجذوبا ولا مرسلا، ومن بلغ هذه الغاية غلبت قوّته النفسية على قوّته البدنية فمنح الاقتدار على ثمانية أشياء بحصولها يقع الاستغناء، فمحال ان يستغني أحد عمّا يعجزه، واحد تلك الثمانية التمكّن من تلطيف البدن حتى يخفى عن الأعين والثاني التمكن من تخفيفه حتّى يستوي عنده وطئ الشوك والوحل والتراب والثالث التمكّن من تعظيمه حتّى يريه في صورة