مثال الحال فيهم على شبيه بحال النصرانيّة فإنّها مبنيّة على الخير وكفّ الشرّ من ترك القتل اصلا ورمي القمصان خلف غاصب الطيلسان وتمكين لاطم الخدّ من الخدّ الأخرى والدعاء للعدوّ بالخير والصلوات عليه، وهي لعمري سيرة فاضلة ولكنّ اهل الدنيا ليسوا بفلاسفة كلّهم، وإنّما اكثرهم جهّال ضلّال لا يقوّمهم غير السيف والسوط، ومذ تنصّر «قسطنطينوس» المظفّر لم يسترح كلاهما «١» من الحركة فبغيرهما لا تتمّ السياسة، كذلك الهند، فقد ذكروا انّ امور الايالة والحروب كانت فيما مضى الى البراهمة وفي ذلك كان فساد العالم من جهة انّهم اجروا السياسة على مقتضى كتب الملّة من السيرة العقليّة ولم يطرد ذلك لهم مع ذوي العيث والزعارّة، وكاد الأمر يعجزهم عن القيام بما اليهم من امر الديانة فتضرعوا الى ربهم فيه، حتى افردهم «براهم» لما اليهم وجعل السياسة والقتال الى «كشتر» ، ولذلك صار معاش البراهمة من السؤال والكدية، وحصلت العقوبات في الناس بالذنوب من جهة الملوك لا العلماء؛ فأمّا امر القتل فإنّ القاتل اذا كان برهمنا والمقتول من سائر الطبقات لم يلزمه إلّا كفّارة وهي تكون بالصوم والصلاة والصدقة، وإن كان المقتول برهمنا ايضا كان امره الى الآخرة ولم يجزه