للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هائلة عجيبة والرابع التمكّن من الإرادات والخامس التمكّن من علم ما يروم والسادس التمكّن من الترؤس على أيّة فرقة طلب والسابع خضوع المرؤوسين وطاعتهم والثامن انطواء المسافات بينه وبين المقاصد الشاسعة وإلى مثل هذا إشارات الصوفيّة في العارف إذا وصل إلى مقام المعرفة فإنّهم يزعمون أنّه يحصل له روحان، قديمة لا يجري عليها تغيّر واختلاف بها يعلم الغيب ويفعل المعجز، وأخرى بشريّة للتغيّر والتكوين؛ ولا يبعد عن مثله أقاويل النصارى: قالت الهند: فإذا قدر على ذلك استغنى عنه وتدرّج إلى المطلوب في مراتب، أولاها معرفة الأشياء اسما وصفة وتفاصيل غير معطية للحدود والثانية تجاوز ذلك إلى الحدود الجاعلة جزئيّات الأشياء كلّيّة إلا إنّه لا تخلو فيها من التفصيل والثالثة زوال ذلك التفصيل والإحاطة بها متّحدة ولكن تحت الزمان والرابعة تجرّدها عنده عن الزمان واستغناؤه فيها عن الأسماء والألقاب التي هي آلات الضرورة، وفيها يتحد العقل والعاقل بالمعقول حتى تكون شيئا واحدا، فهذا ما قال «پاتنجل» في العلم المخلص للنفس ويسمّون خلاصها بالهنديّة «موكش» أي العاقبة، وبه يسمّون أيضا تمام الأنجلاء في الكسوفين لأنّه عاقبة الكسوف ووقوع المباينة بين المتشبّثين؛ وعندهم أنّ المشاعر والحواسّ جعلت للمعرفة وجعلت اللذّة فيها باعثة على البحث كما جعلت لذّة الأكل والشرب في الذوق لتبقية الشخص بالغذاء ولذّة الباءة لتبقية النوع بالإيلاد فلولا الشهوة لما فعلهما الحيوان أو الانسان لهذين الغرضين؛ وفي كتاب «كيتا» : إنّ الإنسان مخلوق ليعلم ولاستواء العلم أعطي الآلات بالسويّة، ولو كان مخلوقا ليعمل لتفاوتت الآلات كاختلاف الأعمال باختلاف القوى الثلاث الأول، لكنّ الطباع الجسداني يسرع إلى العمل لما فيه من مضادّة العلم فيروم ستره بملاذّ هي بالحقيقة آلام والعلم هو الذي يترك هذا الطباع منجدلا ويجلّي النفس من الظلام جلاء الشمس من الكسوف او الغمام؛ وهذا مثل قول سقراط: إنّ النفس إذا كانت مع الجسد وأرادت ان تفحص عن

<<  <   >  >>