عن دنس السهو والجهل؛ قال السائل: أفتصفه بالكلام أم لا؟ قال المجيب:
إذا كان عالما فهو لا محالة متكلم؛ قال السائل: فإن كان متكلّما لأجل علمه فما الفرق بينه وبين العلماء الحكماء الذين تكلّموا من أجل علومهم؟ قال المجيب:
الفرق بينهم هو الزمان فإنّهم تعلّموا فيه وتكلّموا بعد أن لم يكونوا عالمين ولا متكلّمين ونقلوا بالكلام علومهم إلى غيرهم فكلامهم وإفادتهم في زمان، وإذ ليس للأمور الإلهية بالزمان اتّصال فالله سبحانه عالم متكلّم في الأزل، وهو الذي كلّم «براهم» وغيره من الأوائل على أنحاء شتّى، فمنهم من ألقى إليه كتابا ومنهم من فتح لواسطة اليه بابا ومنهم من أوحى إليه فنال بالفكر ما أفاض عليه؛ قال السائل: فمن أين له هذا العلم؟ قال المجيب: علمه على حاله في الأزل، وإذ لم يجهل قطّ فذاته عالمة لم تكتسب علما لم يكن له، كما قال في «بيذ» الذي أنزله على براهم: احمدوا وامدحوا من تكلّم ببيذ وكان قبل بيذ: قال السائل: كيف تعبد من لم يلحقه الإحساس؟ قال المجيب: تسميته تثبت إنّيّته فالخبر لا يكون إلا عن شيء والاسم لا يكون إلّا لمسمّى، وهو وإن غاب عن الحوسّ فلم تدركه فقد عقلته النفس وأحاطت بصفاته الفكرة وهذه هي عبادته الخالصة وبالمواظبة عليها ينال السعادة؛ فهذا كلامهم في هذا الكتاب المشهور. وفي كتاب «كيتا» وهو جزوء من كتاب «بهارت» فيما جرى بين «باسديو»«١» وبين «آرجن» : إنّي أنا الكلّ من غير مبدأ بولادة أو «٢» منتهى بوفاة، لا أقصد بفعلي مكافاة ولا اختصّ بطبقة دون أخرى لصداقة او عداوة، قد اعطيت كلّا من خلقي حاجته في فعله، فمن عرفني بهذه الصفة وتشبّه بي في إبعاد الطمع عن العمل انحلّ وثاقه وسهل خلاصه، وعتاقه، وهذا كما قيل في حدّ الفلسفة:
إنّها التقيّل بالله ما أمكن، وقال في هذا الكتاب: أكثر الناس يلجئهم الطمع في الحاجات إلى الله، وإذا حقّقت الأمر لديهم وجدتهم من معرفته في مكان سحيق