يتحرّك، وهذا بحث يدقّ جدّا ويغمض ولولا انّه كذلك لما صار المختلفون فيه في غاية التباعد حتى قال بعضهم: ان لا زمان اصلا، وقال بعض: انّه جوهر قائم بذاته، ويقول الاسكندر الافروذيسيّ: انّ «ارسطوطاليس» برهن في كتاب «السماع الطبيعيّ» انّ كلّ متحرّك فإنّما يتحرّك عن محرّك، ويقول «جالينوس» في وجهه: انّه لم يبيّنه فضلا ان يبرهنه؛ وأمّا الهند فكلامهم في هذا الباب نزر وغير محصّل، قال «براهمهر» في أوّل كتاب «سنكهت» عند ذكر ما له القدمة:
قد قيل في الكتب العتيقة انّ أوّل شيء وأقدمه الظلمة التي ليست السواد وإنّما هي عدم كحال النائم ثمّ خلق الله هذا العالم لأجل «براهم» قبّة له وجعله قسمين أعلى وأسفل وأجرى فيه الشمس والقمر، وقال «كبل» لم يزل الله والعالم معه بجواهره وأجسامه لكنّه هو علّة للعالم ويستعلي بلطفه على كثافته، وقال «كنبهك» : انّ القديم هو «مهابوت» أي مجموع العناصر الخمسة، وقال غيره القدمة للزمان وقال بعضهم للطباع وزعم آخرون انّ المدبّر هو «كرم» أي العمل، وفي كتاب «بشن دهرم» انّ «بحر» قال لماركنديو: «١» بيّن لي الأزمنة، فأجابه بأنّ المدّة هي «آتم بورش» أي روحة وبورش صاحب الكلّ ثمّ اخذ يبيّن له الأزمنة الجزئيّة وأربابها على ما أوردنا كلّ واحد في بابه، والهند قسموا المدّة الى وقتي حركة قدّرت الزمان وسكون جاز ان يقدّر بالوهم على موازاة المقدّر الأوّل المتحرّك وصار دهر البارئ عندهم مقدّرا غير معدود لأجل انتفاء التناهي عنه على انّ توهّم مقدّر غير معدود عسر جدّا وبعيد، وسنذكر من أقاويلهم في هذا الباب بحسب معرفتنا ما يكون فيه كفاية؛ فأمّا ما يجري فيما بينهم من ذكر الخلق فهو عامّيّ لأنّا قد حكينا رأيهم في قدم المادّة فليسوا يعنون بالخلق ابداعا من لا شيء وإنّما يعنون به الصنعة في الطينة وإحداث تأليفات فيها وصور وتدابير مؤدّية الى مقاصد فيها وأغراض ولذلك يضيفون الخلق الى الملائكة والجنّ بل الإنس إمّا قضاء لحقّ منعم وإمّا تشفّيا