«ديوجانس» دلّت على منشئها الّذي لا مثل له ولا شكل، وقيل: إنّ ديوجانس للطافة حسّه كان اختصّ باستماع صوت حركة الفلك؛ وهذه كلّها رموز مطّردة بالتأويل على القانون المستقيم، وذكر بعض من تبعهم من القاصرين عن التحقيق: إنّ البصر مائيّ والشمّ ناريّ والطعم أرضيّ واللمس من إفادة الروح كلّ البدن بالاتصال به، وما أظنّه نسب البصر إلى الماء إلّا لما سمع من رطوبات العين وطبقاتها والشمّ إلى النار بسبب البحور والدخان والطعم إلى الأرض بسبب طعامه الذي تزقمه وفنيت العناصر الأربعة فعاد في اللمس إلى الروح؛ ثمّ نقول: إنّ الحاصل ممّا بلغ التعديد إليه هو الحيوان وذلك أنّ النبات عند الهند نوع منه كما أنّ أفلاطن يرى أنّ للغروس حسّا لما يرى في النبات من القوّة المميّزة بين الملائم والمخالف والحيوان حيوان بالحس، والحواس خمسة تسمّى «اندريان» وهي السمع بالأذن «١» والبصر بالعين والشمّ بالأنف والذوق باللسان واللمس بالجلد، ثمّ إرادة تصرّفها على ضروب المضارب محلّها منه القلب وسمّوها به «من» والحيوانيّة تكمل بأفاعيل خمسة ضروريّة له يسمّونها «كرم اندريان» أي الحواسّ بالفعل فإنّ الحاصل من الأولى علم ومعرفة ومن هذه الأخرى عمل وصنعة ولنسمّها «ضروريّات» وهي التصويت بصنوف الحاجات والإرادات والبطش بالأيدي للاجتلاب والاجتناب والمشي بالأرجل للطلب والهرب ونفض فضول الأغذية بكلي المنفذين المعدّين له، فهذه خمسة وعشرون هي النفس الكلّيّة والهيولى المجرّدة والمادّة المتصوّرة والطبيعة الغالبة والأمّهات البسيطة والعناصر الرئيسيّة والحواسّ المدركة والإرادة المصرّفة والضروريّات الآليّة، واسم الجملة «تتو «٢» » والمعارف مقصورة عليها ولذلك قال «بياس بن براشر» : أعرف الخمسة والعشرين بالتفصيل والتحديد والتقسيم معرفة برهان وإيقان لا دراسة باللسان ثمّ ألزم أيّ دين شئت فإنّ عقباك النجاة.