كما ذكرنا فقد قيل في «بشن پران» : إنّ المادّة أصل العالم وفعلها فيه بالطباع على مثال فعل البذر للشجرة بالطباع من غير قصد واختيار وكتبريد الريح للماء من غير قصد لغير الهبوب، إنّما الفعل الإرادي لبشن؛ وهذه إشارة منه إلى الحيّ الذي يعلو المادة وبه تصير المادّة فاعلة تسعى له سعي الصديق لصديقه من غير طمع، وقد بنى عليه «ماني» قوله: سأل الحواريّون عيسى عليه السلام عن حياة الموات فقال لهم إنّ الميّت إذا فارق الحيّ المخالط إياه وبان على حدته عاد ميّتا لا يحيى والحيّ الذي فارقه حيّا لا يموت، وأما في كتاب «سانك» فإنه ينسب الفعل إلى المادّة من أجل أنّ ما يعرض من الصور مختلفة في اختلافها بسبب القوى الثلاث الأول وغلبتها فرادي ومزدوجة أعني الملكيّة والإنسيّة والبهيمية وهذه القوى لها دون النفس، والنفس لتعرف أفعالها بمنزلة النّظّارة على مثال أحد السابلة؟؟؟ قعد في قرية للاستراحة وكلّ واحد من أهلها ساع في غير ما يسعي فيه الآخر فهو ينظر إليهم ويعتبر أحوالهم فيكره بعضها ويحبّ بعضها ويعتبر بها فهو مشتغل من غير أن يكون له حظّ فيها ولا سبب في إثارتها: وإنّما ينسب الفعل إلى النفس مع تبرّئها «١» منه على مثال رجل اتّفقت له مرافقة مع جماعة لم يعرفهم وكانوا لصوصا راجعين من قرية قد كبسوها وخرّبوها ولم يسر معهم إلّا قليلا حتّى لحقهم الطلب واستوثق من الجماعة وحمل ذلك البريء في جملتهم وعلى مثل حالهم قد أصابه ما أصابهم من غير مشاركة إيّاهم في فعلهم؛ وقالوا: إن مثال النفس مثال ماء المطر النازل من السماء على حاله وكيفيّة واحدة فإذا اجتمع في أوان له موضوعة مختلفة الجواهر من ذهب وفضّة وزجاج وخزف وطين وسبخة فإنّه بها يختلف في المرأى والمذاق والمشمّ كذلك النفس لا تؤثر في المادة سوى الحياة بالمجاورة فإذا اخذت المادّة في الفعل اختلف ما يظهر منها بسبب القوة الغالبة من القوى الثلاث ومعاونة الأخريين