وهذا رأي مخالف لما بنى عليه «بطلميوس» أمر الأبعاد في «كتاب المنشورات» واتّبعه عليه القدماء والمحدثون، فإنّ اصلهم فيها على أنّ ابعد بعد كلّ كوكب هو أقرب بعد الذي فوقه وليس فيما بين كرتيهما موضع معطّل عن الفعل، وفي هذا الرأي يكون فيما بين الكرتين موضع خال عنهما فيه ماسك كالمحور عليه الدوران، وكأنّهم اعتقدوا في الأثير «١» شيئا من الثقل حتى احتيج الى ماسك للكرة الداخلة يمسكها في وسط الخارجة؛ وممّا هو معلوم فيما بين أهل الصناعة انّه لا سبيل الى تمييز اعلى الكوكبين من اسفلهما إلّا من جهة السّتر أو من.
جهة زيادة اختلاف المنظر فأمّا الستر فهو قليل الاتّفاق وأمّا اختلاف المنظر فهو في غير القمر غير محسوس به، لكنّ الهند ذهبوا في ذلك الى تساوي الحركات واختلاف المسافات، فصار سبب بطوء العالي اتّساع فلكه وسرعة السافل تضايق فلكه، فالدقيقة في فلك زحل مائتان واثنان وستّون ضعفا للدقيقة في فلك القمر، ولهذا اختلف زمان قطعهما فيهما مع تساوي الحركتين؛ ثمّ لم أر كلاما في هذا الباب إلّا ما يجيء في خلال الكتب من ذكر عدد فاسد فيها، كجواب «بلس» عمّن يعترض عليه في تصييره دور فلك كلّ كوكب احدا «٢» وعشرين الفا وستّ مائة ونصف قطره ثلاثة آلاف «٣» وأربع مائة وثمانية وثلاثين مع قول «براهمهر» في بعد الشمس انّه ٢٥٩٨٩٠٠ وفي بعد الثوابت انّه ٣٢١٣٦٢٦٨٣، انّ الأوّل بالدقائق والأخير بالجوزن مع قوله انّ بعد الثوابت ستّون مرّة مثل بعد الشمس، وكان يجب ان يكون بعد الثوابت ١٥٥٩٣٤٠٠٠؛ فأمّا الطريق الذي اشرنا اليه من جهتهم فهو مبنيّ على اصل هو عندي مجهول بحسب ما عرفته الى ان يسهّل الله ترجمة كتبهم، وذلك الأصل هو أنّ مساحة الدقيقة في فلك القمر خمسة عشر جوزنا «٤» ،