فحمله أبوه الى باب الملك وقال له: انّ هذا لم يبتد في أيّامك إلّا بفساد في الأرض ووزير يرتكب في مملكتك، فأخذ رام في الفحص عن ذلك إلى أن دلّ على «جندال» يجتهد في العبادة وتعذيب النفس، فركب اليه ووجده على شطّ نهر «كنك» قد علّق نفسه منكوسا، فأوتر رام قوسه وضرب بالسهم قتبته فأنفذه، وقال: هو ذا! اقتلك على خير ليس إليك فعله، ورجع وقد عاش ابن البرهمن الموضوع على بابه؛ ثمّ سائر الناس دون جندال ممّن ليسوا من الهند يسمّون «امليج» أي انجاس وهم الذين يقتلون ويذبحون ويأكلون لحم البقر، وهذه كلّها من تفاضل الدرجات التي يتّخذ فيها بعضهم لبعض سخريّا، وإلّا فقد قال «باسديو» في طالب الخلاص: أنّ العاقل قد سوى عنده البرهمن وجندال والصديق والعدوّ والأمين والخائن بل الحيّة وابن عرس، فإن كان العقل هو الذي سوى فالجهل هو الذي فصل وفضل، وقال باسديو لأرجن: إذا كانت عمارة العالم هي المقصودة ولم يطّرد السياسة فيها إلّا بالقتال لقمع الفساد وجب علينا معشر العقلاء ان نعمل ونقاتل لا لإتمام نقصان فينا ولكن لوجوبه من جهة الإعلاج ونفي الخراب، ثمّ يتأسّى بنا الجهّال في الفعل تأسّي الصغار بالكبار من غير أن يعرفوا حقائق الأغراض في الأفعال، فإنّ طباعهم عن الطرق العقليّة نافرة وإنّما يستعملون قهرا حتى يعملوا بحسب ما يثير لهم حواسّهم من الشهوة والغضب، ويكون العاقل العارف على خلافهم.