فيه ليجري عليها كما جرى على عظام أولاد «سكر» المحترقة فأنقذهم من جهنّم وحصّلهم في الجنّة، وباقي رماده يطرح في بعض الأدوية الجارية، ويقبر موضع احتراقه ببناء شبه ميل عليه مجصّص، ولا يحرق من الأطفال ما قصر سنّه عن ثلاث، ثمّ يغتسل من يتولّى ذلك مع ثيابه يومين بسبب جنابة الميّت، ومن عجز عن الإحراق مال به الى الإلقاء في الصحراء أو في الماء الجاري؛ وأمّا حقّ الحيّ في جسده فلا يميل فيه الى الإحراق إلّا الأرملة التي تؤثر اتّباع زوجها أو الذي مل حياته وتبرّم بجسده من مرض عياء وزمانة لازمة أو شيخوخة وضعف، ثمّ لا يفعله مع ذلك ذو فضيلة وإنّما يؤثره «بيش» أو «شودر» في الأوقات المرجوّة الفاضلة طلبا لحال أفضل ممّا هو عليه عند العود، ولا يجوز ذلك بالنصّ لبرهمن أو «كشتر» ولأجل هذا يقتل نفسه من يقتلها منهم في أوقات الكسوف أو يستأجر من يغرقه في نهر «كنك» ويتولّى امساكه حتى يموت؛ وعلى ملتقى نهري «جمن» وكنك شجرة عظيمة تعرف بپرياك من جنس الشجر التي تسمّى «بر» ، وخاصّيّتها أنّه يبرز من فروعها نوعان من الأغصان أحدهما الى فوق كما لسائر الأشجار والآخر الى أسفل على هيئة العروق غير مورق، فإن دخل الأرض صار للغصن بمنزلة العماد، وهيّئ ذلك لها لفرط انبساط فروعها، وعند هذه الشجرة المذكورة يقتل أولئك أنفسهم بأن يصعدونها ويرمون بأنفسهم الى ماء كنك؛ وحكى يحيى النحويّ أنّ قوما في جاهليّة اليونانيّين أنا أسميّهم زعم عبدة الشيطان كانوا يضربون أعضاءهم بأسيافهم ويلقون أنفسهم في النيران ولم يكونوا يألمون بهما، وكما حكينا عن الهند فكذلك قال «سقراط» بالسويّة: لا ينبغي لأحد أن يقتل نفسه قبل أن يسبّب «١» الآلهة له اضطرارا ما وقهرا كالذي حضرنا الآن، وقال أيضا: أنّا معشر الناس كالذين في حبس ما، وإنّه لا ينبغي أن نهرب «٢» ولا أن نحلّ أنفسنا منه فإنّ الآلهة تهتمّ بنا لأنّا معشر الناس خدماء لهم.