فاتخذ تمثالا كما رأيتني عليه وتقرّب بالطيب والأنوار إليه واجعله تذكار لي لئلّا تنساني حتّى إن عنيت فبذكري وإن حدّثت فباسمي وإن فعلت فمن أجلي، قال الملك: قد وقفت على الجمل فأكرمني بالبيان والتفصيل، قال: قد فعلت وألهمت «بسشت» قاضيك جميع ما يحتاج إليه فعّول في المسائل عليه، ثمّ غاب الشخص عن عينه ورجع الملك إلى مقرّه وفعل ما أمر به؛ قالوا: فمن وقتئذ تعمل الأصنام بعضها ذوات أربع ايد «١» كما وصفنا وبعضها ذوات يدين بحسب القصّة والصفة وبحسب صاحب الصورة، وأخبروا أيضا بأن لبراهم ابن يسمّى «نارذ» لم تكن له همّة غير رؤية الربّ وكان من رسمه في تردّده إمساك عصا معه إذ كان يلقيها فتصير حيّة ويعمل بها العجائب وكانت لا تفارقه وبينا هو في فكرة المأمول إذ رأى نورا من بعيد فقصده ونودي منه أنّ ما تسأله وتتمنّاه ممتنع الكون فليس يمكنك ان تراني إلّا هكذا ونظر فإذا شخص نوراني على مثال اشخاص الناس، ومن حينئذ وضعت الأصنام بالصور؛ ومن الاصنام المشهورة صنم «مولتان» باسم الشمس ولذلك سمّى «آدت» وكان خشبيّا ملبّسا بسختيان أحمر في عينيه ياقوتتان حمراوان، يزعمون أنه عمل في «كرتاجوك» الأدنى فهب أنّه كان في آخر ذلك الزمان ومنه إلينا من السنين ٢١٦٤٣٢، وكان محمّد بن القاسم بن المنبّه لمّا افتتح المولتان نظر إلى سبب عمارتها والأموال المجتمعة فيها فوجد ذلك الصنم إذ كان مقصودا محجوبا من كلّ أوب، فرأى الصلاح في تركه بعد أن علّق لحم بقر في عنقه استخفافا به وبنى هناك مسجد جامع، فلمّا استولت «القرامطة» على المولتان كسر «جلم ابن شيبان» المتغلّب ذلك الصنم وقتل سدنته وجعل بيته وهو قصر مبنىّ من الآجرّ على مكان مرتفع جامعا بدل الجامع الأوّل وأغلق ذاك بغضا لما عمل في أيّام بني أميّة، ولمّا أزال الأمير المحمود رحمه الله أيديهم عن تلك الممالك اعاد الجمعة إلى الجامع الأوّل وأهمل هذا الثاني فليس الآن إلّا بيدار